فَالرَّجْعَةُ - هِيَ الْإِمْسَاكُ، وَلَا تَكُونُ - بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِمَعْرُوفٍ وَالْمَعْرُوفُ - هُوَ إعْلَامُهَا، وَإِعْلَامُ أَهْلِهَا، إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً - فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهَا لَمْ يُمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ، وَلَكِنْ بِمُنْكَرٍ، إذْ مَنَعَهَا حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ: مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالْإِسْكَانِ، وَالْقِسْمَةِ فَهُوَ إمْسَاكٌ فَاسِدٌ بَاطِلٌ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِإِعْلَامِهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَعْرُوفٍ.
وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا يَكُونُ " الْبَعْلُ " أَحَقَّ بِرَدِّهَا إنْ أَرَادَ إصْلَاحًا - بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَمَنْ كَتَمَهَا الرَّدَّ، أَوْ رَدَّ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهَا، فَلَمْ يُرِدْ إصْلَاحًا بِلَا شَكٍّ، بَلْ أَرَادَ الْفَسَادَ، فَلَيْسَ رَدًّا وَلَا رَجْعَةً أَصْلًا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: -:.
فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَأَعْلَمَهَا، ثُمَّ رَاجَعَهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا: فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ مَنْصُورٍ أَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَأَعْلَمَهَا طَلَاقَهَا، ثُمَّ رَاجَعَهَا فَكَتَمَهَا الرَّجْعَةَ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ: فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: تَمَارَيْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْقُرَّاءِ الْأَوَّلِينَ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا الرَّجُلُ ثُمَّ