المحلي بالاثار (صفحة 4016)

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَهَؤُلَاءِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ.

وَمِنْ التَّابِعِينَ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَتَادَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَشُرَيْحٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.

وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لِأَنَّهَا تَقَاسِيمُ كَثِيرَةٌ سَخِيفَةٌ لَمْ يُوجِبْهَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا احْتِيَاطٌ، وَلَا مَعْقُولٌ، وَلَا قَالَ بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ - فَمَا نَعْلَمُهُ أَيْضًا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلَا نَعْلَمُهُ يُحْتَجُّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يُمَوِّهَ مُمَوِّهٌ بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ أُجْمِعَ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ الصِّغَارِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَدَّعِي ضَبْطَ الْإِجْمَاعِ إلَّا كَاذِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ كُلِّهَا، مَعَ أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُؤَيِّدُهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ - وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا فَرْقَ.

وَأَمَّا قَوْلُ حَمَّادٍ فَإِنَّهُ خَصَّ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمَةِ دُونَ الْمَوْرُوثِ بِلَا دَلِيلٍ.

فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: 26] .

وَالْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَاهُ قَبْلُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» .

فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَقًّا لِذِي الْقُرْبَى وَلِلْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ - وَأَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْعَطِيَّةَ لِلْأَقَارِبِ.

فَإِنْ قَالَ الْمُخَالِفُ: حَقُّهُ الصِّلَةُ وَتَرْكُ الْقَطِيعَةِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015