وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: الْقِسْمَةُ لَهُمَا سَوَاءٌ.
وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى لِلْحُرَّةِ يَوْمَيْنِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمًا بِأَنَّهُ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَأَنَّهُ عَنْ عَلِيٍّ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ.
وَقَالُوا: لَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْأَمَةِ وَحْدَهَا نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَحْدَهَا وَجَبَ أَنْ تَكُونَ قِسْمَتُهَا نِصْفَ قِسْمَةِ الْحُرَّةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمُرْسَلُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، وَعَهِدْنَا بِهِمْ يَرُدُّونَ السُّنَنَ الثَّابِتَةَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَاتِ بِأَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا هَهُنَا عُمُومَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ عُمُومًا بِخَبَرٍ سَاقِطٍ مُرْسَلٍ، مُخَالِفٍ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَدْ خَالَفُوا طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ فِيمَا لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهِ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ فِي الْقَضَاءِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِسَيِّدِ أُمِّهِ، أَوْ فِدَائِهِ بِرَأْسٍ أَوْ رَأْسَيْنِ، وَإِلْزَامِ الْبَائِعِ الْخَلَاصَ.
وَخَالَفُوهُمْ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
وَأَمَّا قِيَاسُ الْقِسْمَةِ عَلَى الْعِدَّةِ فَبَاطِلٌ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ كُلَّهُ بَاطِلٌ، وَتَعَارُضُهُمْ بِقِيَاسٍ أَدْخَلَ فِي الْإِيهَامِ مِنْ قِيَاسِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتَا فِي النَّفَقَةِ سَوَاءً وَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِي الْقِسْمَةِ سَوَاءً -. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.