بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] .
وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: 34] .
فَلَمْ يُبِحْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هِجْرَانَهَا فِي الْمَضْجَعِ إلَّا إذَا خَافَ نُشُوزَهَا، وَإِنَّمَا أَبَاحَ مَضْرِبًا، وَلَمْ يُبِحْ الْجِرَاحَ، وَلَا كَسْرَ الْعِظَامِ، وَلَا تَعْفِينَ اللَّحْمِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] .
فَصَحَّ أَنَّهُ إنْ اعْتَدَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ - نا هَمَّامُ - هُوَ ابْنُ يَحْيَى - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» .
فَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حُرَّةً مُتَزَوِّجَةً، مِنْ أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، وَلَا مُسْلِمَةً مِنْ ذِمِّيَّةٍ - وَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَعْدِلَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ، أَوْ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ.
فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ إمَائِهِ.
وَكُلُّ مَا قُلْنَا فَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا فَضْلَ لِلزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ فِي الْقِسْمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةً وَزَوْجَةٌ مَمْلُوكَةً فَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَانِ وَلِلْمَمْلُوكَةِ لَيْلَةٌ.
وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَمَسْرُوقٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.