بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الشَّهَادَاتِ 1789 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ الشَّهَادَاتِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا عَدْلٌ رَضِيٌّ.
وَالْعَدْلُ: هُوَ مَنْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ كَبِيرَةٌ، وَلَا مُجَاهَرَةٌ بِصَغِيرَةٍ.
وَالْكَبِيرَةُ: هِيَ مَا سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبِيرَةً، أَوْ مَا جَاءَ فِيهِ الْوَعِيدُ.
وَالصَّغِيرَةُ: مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ وَعِيدٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] .
وَلَيْسَ إلَّا فَاسِقٌ أَوْ غَيْرُ فَاسِقٍ، فَالْفَاسِقُ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْفِسْقُ، وَالْكَبَائِرُ كُلُّهَا فُسُوقٌ - فَسَقَطَ قَبُولُ خَبَرِ الْفَاسِقِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَدْلُ: وَهُوَ مَنْ لَيْسَ بِفَاسِقٍ.
وَأَمَّا الصَّغَائِرُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] .
فَصَحَّ: أَنَّ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ مُكَفَّرَةٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، وَمَا كَفَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَسْقَطَهُ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَذُمَّ بِهِ صَاحِبَهُ وَلَا أَنْ يَصِفَهُ بِهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ تَابَ مِنْ الْكُفْرِ فَمَا دُونَهُ فَإِنَّهُ إذَا سَقَطَ عَنْهُ بِالتَّوْبَةِ مَا تَابَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَذُمَّهُ بِمَا سَقَطَ عَنْهُ، وَلَا أَنْ يَصِفَهُ بِهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: