النِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لِلْأُخْتِ فَيَخْلِطَانِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثُلُثَيْ مَا اجْتَمَعَ، وَالْأُخْتُ ثُلُثَ مَا اجْتَمَعَ.
فَيَا لَلْعَجَبِ إنْ كَانَتْ الْأَسْهُمُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي عِيلَ بِهَا لِلْأُخْتِ قَدْ وَجَبَتْ لِلْأُخْتِ، فَلَمْ يُعْطَ الْجَدُّ مِنْهَا فَلْسًا، وَكَيْفَ يُنْتَزَعُ حَقُّ الْأُخْتِ وَيُعْطَى لِمَنْ لَا يَجِبُ لَهُ - وَهُوَ الْجَدُّ - وَلَعَلَّهَا صَغِيرَةٌ، أَوْ مَجْنُونَةٌ، أَوْ غَائِبَةٌ، أَوْ كَارِهَةٌ؟ فَهُوَ ظُلْمٌ وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.
وَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَسْهُمِ الَّتِي عِيلَ بِهَا لِلْأُخْتِ لَمْ تَجِبْ لَهَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذُوهَا مِنْ يَدِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ؟ وَقَالُوا: هَذَا سَهْمُ الْأُخْتِ وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ، فَلَا شَكَّ أَنْ يَقُولُوا: هُوَ سَهْمُهَا وَلَيْسَ هُوَ سَهْمَهَا؟ وَهَذَا ظُلْمٌ لِلزَّوْجِ وَلِلْأُمِّ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.
ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَأَخٍ لِأَبٍ، وَجَدٍّ: أَنَّ الشَّقِيقَةَ تَقُولُ لِلْجَدِّ: هَذَا أَخِي؟ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْتَسِمَ الْمَالَ مَعِي وَمَعَك، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؟ فَيَقُولُ الْجَدُّ: كَلًّا، إنَّمَا هُوَ أَخٌ لِلْمَيِّتِ لِأَبٍ، لَا يُقَاسِمُك أَصْلًا، إمَّا أَنْت ذَاتُ فَرْضٍ مُسَمًّى؟ فَتَقُولُ لَهُ الْأُخْتُ: مَا عَلَيْك مِنْ هَذَا هُوَ أَخُونَا؟ فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الْجَدِّ، لَهُ الْخُمُسَانِ، وَلِلْأَخِ لِلْأَبِ الْخُمُسَانِ، وَلِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الْخَمْسُ - فَإِذَا أَخَذَ الْجَدُّ سَهْمَهُ وَوَلَّى خَاسِئًا قَالَتْ الْأُخْتُ لِأَخِيهَا: مَكَانَك، خَلِّ يَدَك عَنْ الْمَالِ، إنَّمَا أَقَمْتُك لِأُزِيلَ عَنْ يَدِ جَدِّنَا مَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ، وَأَنَا أَوْلَى بِهَذَا مِنْك؟ فَيُنْتَزَعُ مِنْ يَدِ الْأَخِ مِمَّا أَعْطَوْهُ عَلَى أَنَّهُ حَظُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ خُمْسًا وَنِصْفَ خَمْسٍ، فَتَأْخُذُهُ الْأُخْتُ، فَيَحْصُلُ لَهَا النِّصْفُ، وَلِلْجَدِّ الْخُمُسَانِ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ نِصْفُ الْخَمْسِ، فَإِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، وَأَخًا لِأَبٍ، وَجَدًّا؟ فَعَلْنَا كَذَلِكَ، فَإِذَا وُلِّيَ الْجَدُّ انْتَزَعَ مَا بِيَدِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ كُلِّهِ، وَأَخَذَهُ الْأُخْتَانِ.
فَانْظُرُوا فِي هَذِهِ الْأُعْجُوبَةِ لَئِنْ كَانَ لِلْأَخِ لِلْأَبِ حَقٌّ وَاجِبٌ فَمَا يَحِلُّ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَا حَقَّ لَهُ - فَمَا يَحِلُّ أَنْ يُقَامَ وَلِيجَةً لِيُعْطِيَ بِالِاسْمِ مَا لَا يَأْخُذُهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ غَيْرُهُ.
ثُمَّ يَقُولُونَ فِي ابْنَتَيْنِ، وَزَوْجٍ، وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، أَوْ أَخٍ شَقِيقٍ، وَجَدٍّ: أَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلزَّوْجِ الرُّبْعَ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسَ، يُعَالُ لَهُ بِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَلَا لِلْأُخْتِ، وَلَا لِلْإِخْوَةِ، وَلَا لِلْأَخَوَاتِ.