نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ نا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: «وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ» .
قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ: ونا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ نا هُشَيْمٌ عَنْ الْكَوْثَرِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: «وَإِنَّ أَقْرَأَهَا لَأُبَيٌّ، وَإِنَّ أَفْرَضَهَا لَزَيْدٌ، وَإِنَّ أَقْضَاهَا لَعَلِيٌّ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ أَسَانِيدُ مُظْلِمَةٌ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، وَأَبَا حَامِدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ مَجْهُولَانِ - وَإِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ مِثْلُهُمَا، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ - إنْ كَانَ غُلَامَ خَلِيلٍ فَهُوَ هَالِكٌ مُتَّهَمٌ - وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَالْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، وَالْكَوْثَرُ: مَجْهُولُونَ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ «أَفْرَضَهُمْ» أَنْ يُقَلَّدَ قَوْلُهُ، كَمَا لَمْ يَجِبْ عِنْدَهُمْ مَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنْ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَقْرَؤُهُمْ، وَعَلِيًّا أَقْضَاهُمْ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى قِرَاءَةِ أُبَيٍّ دُونَ سَائِرِ الْقِرَاءَاتِ، وَلَا عَلَى أَقْضِيَةِ عَلِيٍّ دُونَ أَقْضِيَةِ غَيْرِهِ - وَهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ الصَّحَابَةَ خَالَفُوا زَيْدًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ الْمَالِكِيُّونَ قَدْ خَالَفُوهُ فِي فَرَائِضِ الْجَدَّةِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ زَيْدٍ بِمِثْلِ هَذِهِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا: أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ ثَلَاثَ جَدَّاتٍ، وَهُمْ لَا يُوَرِّثُونَ إلَّا جَدَّتَيْنِ، فَمَرَّةً يَكُونُ زَيْدٌ حُجَّةً، وَمَرَّةً لَا يَكُونُ حُجَّةً - هَذَا هُوَ التَّلَاعُبُ بِالدِّينِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ فِي تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْوَاهِيَاتِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا بَيَانًا جَلِيًّا بِأَنَّ زَيْدًا إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ لَا عَنْ سُنَّةٍ عِنْدَهُ، فَلَوْ صَحَّتْ عَنْهُ لَمَا كَانَ رَأْيُهُ أَوْلَى مِنْ رَأْيِ غَيْرِهِ، وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إنْكَارِ هَذَا أَصْلًا، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ الِاخْتِلَافُ عَنْ زَيْدٍ كَمَا أَوْرَدْنَا بِأَقْوَالٍ عَنْهُ مُخْتَلِفَةٍ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهَا بَاطِلٌ، وَأَنَّ قَوْلَتَهُمْ الَّتِي قَلَّدُوا فِيهَا زَيْدًا لَا تَصِحُّ عَنْهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: نُعِيذُ اللَّهَ زَيْدًا وَعُمَرَ مِنْ أَنْ يَقُولَا تِلْكَ الْقَوْلَةَ الَّتِي لَا نَعْلَمُ فِي الْأَقْوَالِ أَشَدَّ تَخَاذُلًا مِنْهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا: أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمُوتُ وَتَتْرُكُ: زَوْجًا، وَأُمًّا، وَأُخْتًا شَقِيقَةً، وَجَدًّا: أَنَّ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةً مِنْ سِتَّةٍ، وَلِلْأُمِّ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ، وَلِلْجَدِّ وَاحِدًا مِنْ سِتَّةٍ، ثُمَّ يُعَالُ لِلْأُخْتِ بِثَلَاثَةٍ مِنْ سِتَّةٍ: صَارَتْ تِسْعَةً فَيَأْخُذُ الْجَدُّ السُّدُسَ الَّذِي وَجَبَ لَهُ، ثُمَّ يَضُمُّهُ إلَى