فَأَمَّا الَّذِي قَدَّمَ، فَالزَّوْجُ لَهُ النِّصْفُ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَا يُزِيلُهُ رَجَعَ إلَى الرُّبُعِ لَا يُزَايِلُهُ عَنْهُ شَيْءٌ.
وَالزَّوْجَةُ لَهَا الرُّبُعُ، فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ صَارَتْ إلَى الثُّمُنِ لَا يُزَايِلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ.
وَالْأُمُّ لَهَا الثُّلُثُ فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَدَخَلَ عَلَيْهَا صَارَتْ إلَى السُّدُسِ لَا يُزَايِلُهَا عَنْهُ شَيْءٌ، فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ الَّتِي قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَاَلَّتِي أَخَّرَ: فَرِيضَةُ الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ لَهُنَّ النِّصْفُ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَالثُّلُثَانِ، فَإِذَا أَزَالَتْهُنَّ الْفَرَائِضُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ إلَّا مَا يَبْقَى.
فَإِذَا اجْتَمَعَ مَا قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أَخَّرَ: بُدِئَ بِمَنْ قَدَّمَ وَأُعْطِيَ حَقَّهُ كَمَلًا، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِمَنْ أَخَّرَ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ زُفَرُ: فَمَا مَنَعَك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ تُشِيرَ عَلَيْهِ بِهَذَا الرَّأْيِ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِبَتُهُ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنَّهُ تَقَدَّمَهُ إمَامٌ عَادِلٌ لَكَانَ أَمْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ فَأَمْضَى أَمْرًا مَضَى مَا اخْتَلَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اثْنَانِ فِيمَا قَالَ.
وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا يَقُولُ عَطَاءٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْعَوْلِ فَوَجَدْنَا مَا ذَكَرَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا مَنْ أَخَّرَ.
زَادَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ أَنْ قَالُوا: لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِالْحَطِيطَةِ مِنْ بَعْضٍ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونُوا كَالْغُرَمَاءِ، وَالْمُوصَى لَهُمْ، يَضِيقُ الْمَالُ عَنْ حُقُوقِهِمْ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُعَمُّوا بِالْحَطِيطَةِ، وَادَّعَوْا عَلَى مَنْ أَبْطَلَ الْعَوْلَ تَنَاقُضًا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَقَطْ: مَا لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. أَمَّا قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ قَدَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَيُّهُمْ أَخَّرَ " فَصَدَقَ:، وَمِثْلُهُ لَمْ يَدَعْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ، إلَّا أَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ وَثَلْجٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ