فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَضَى بِالْجِوَارِ وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الشُّفْعَةِ أَصْلًا.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي خَبَرِ سَمُرَةَ فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ إلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ وَحْدَهُ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَوَجَدْنَا نَصَّهُ «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ» فَكَانَ هَذَا رُبَّمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِمَنْ جَعَلَ الشُّفْعَةَ لِكُلِّ جَارٍ لَوْلَا مَا نَذْكُرُهُ إذَا أَتْمَمْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
هَذَا وَمَا نَرَى سَمَاعَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ كَانَ مِنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ إلَّا بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، وَحَسْبُك أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ذَكَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ.
وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِشُفْعَةٍ أَصْلًا، وَالتَّكَهُّنُ لَا يَحِلُّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِبِرِّ أَهْلِ الدَّارِ وَرِفْدِهِمْ، فَهَذَا أَحْسَنُ وَأَوْلَى لِصِحَّةِ وُرُودِ الْقُرْآنِ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36]
وَقَدْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَارِ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الشُّفْعَةَ، وَكَانَ قَوْلُهُمْ هَذَا كَهَانَةً وَظَنًّا، وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَوَجَدْنَاهُ فِي نِهَايَةِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ الْيَمَامِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ عَنْ الْفَضْلِ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ دَلْهَمٍ فَهُوَ سَاقِطٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهُوَ مَجْهُولٌ، ثُمَّ لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَطُّ كَلِمَةً، وَلَا اجْتَمَعَ مَعَهُ فَبَطَلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ إلَّا الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِ أَرْضِهِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ سَوَاءٌ سَوَاءٌ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَوَجَدْنَاهُ أَسْقَطَهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّهُ عَنْ دَلَالَ بِنْتِ أَبِي المدل وَلَا يُدْرَى مَنْ هِيَ عَمَّنْ: لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا بَيَانُ أَنَّهُ فِي الشُّفْعَةِ.
لَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ الْمُتَكَهِّنِينَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنْ يَأْخُذُوهُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهَا وَلَا فَرْقَ، كَهَانَةٌ بِكَهَانَةٍ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ فَوَجَدْنَاهُ لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ هُوَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ