المحلي بالاثار (صفحة 3242)

الْأَخْبَارِ فَبَطَلَ تَمْوِيهُ الْحَنَفِيِّينَ بِهَا جُمْلَةً، وَحَصَلَ قَوْلُهُمْ عَارِيًّا مِنْ مُوَافَقَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ فِيهَا حُجَّةٌ لِمَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ لِكُلِّ جَارٍ: فَبَدَأْنَا بِالْخَبَرِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ، وَلَا رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْهُ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ، لَكِنْ لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّنَا لَوْ شَهِدْنَا جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُحَدِّثُ بِهِ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ نَصَّهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ وَالْجِوَارِ»

فَأَمَّا الشُّفْعَةُ فَقَدْ عَرَفْنَا مَا هِيَ مِنْ أَخْبَارٍ أُخَرَ.

وَأَمَّا الْجِوَارُ فَمَا نَدْرِي مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَصْلًا.

وَمَنْ فَسَّرَ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَقْلِهِ بِمَا لَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ فَهُوَ كَاذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَوِّلٌ لَهُ مَا لَمْ يَقُلْ وَقَوْلُ الْقَائِلِ: قَضَى بِالْجِوَارِ، لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الشُّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ الْبِرُّ لِلْجَارِ مِنْ أَجْلِ الْجِوَارِ، فَهَذَا أَبْيَنُ بِصِحَّةِ وُجُوبِهِ بِالْقُرْآنِ، وَبِالسُّنَنِ الصِّحَاحِ فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ فَوَجَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لَنَا، وَلَكِنَّا لَا نَحْتَجُّ بِمَا لَا نُصَحِّحُهُ وَإِنْ وَافَقْنَا، لَا كَمَا يَصْنَعُ مَنْ لَا يَتَّقِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَزَالُ يَحْتَجُّ بِمَا وَافَقَهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ صَحِيحًا، وَيَرُدُّ الضَّعِيفَ، وَالصَّحِيحَ إذَا لَمْ يُوَافِقْ تَقْلِيدَهُ

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ثُمَّ رِوَايَةُ عَبْدَةَ وَأَحْمَدَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ الْعَرْزَمِيِّ جَاءَتْ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَذْكُرْهَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد وَهِيَ كَوْنُ الطَّرِيقِ وَاحِدًا فَلَوْ صَحَّتْ رِوَايَةُ الْعَرْزَمِيِّ لَكَانَ الْأَخْذُ بِزِيَادَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ فِي أَرْضِي طَرِيقٌ، لَا نُخَالِفُ الْقَوْلَ إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْمُرْعَاةَ إنَّمَا هِيَ إلَى الْأَرْضِ، لَا كَوْنُهَا فِي الْأَرْضِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي خَبَرِ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فَوَجَدْنَاهُ مُنْقَطِعًا؛ لِأَنَّ الْحَكَمَ لَمْ يُدْرِكْهُمَا وَلَا سَمَّى مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْهُمَا: فَبَطَلَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015