لَكَانَ مُوَافِقًا لِقَوْلِنَا وَمُخَالِفًا لِقَوْلِكُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُتَبَايِعَيْنِ آخُذُهُ بِعَشَرَةٍ، فَيَقُولُ الْآخَرُ: لَا، وَلَكِنْ بِعِشْرِينَ لَا شَكَّ عِنْدَ كُلِّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّهُمَا مُتَفَرِّقَانِ بِالْكَلَامِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَقَالَ الْآخَرُ: نَعَمْ قَدْ بِعْتُكَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، فَالْآنَ اتَّفَقَا وَلَمْ يَتَفَرَّقَا فَالْآنَ وَجَبَ الْخِيَارُ لَهُمَا إذْ لَمْ يَتَفَرَّقَا بِنَصِّ الْحَدِيثِ؟ فَاذْهَبُوا كَيْفَ شِئْتُمْ مَنْ عَارَضَ الْحَقَّ بَلَحَ وَافْتَضَحَ.
وَأَيْضًا: فَنَقُولُ لَهُمْ: قَوْلُكُمْ: التَّفَرُّقُ بِالْكَلَامِ كَذِبٌ، دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِمَا فِي الدِّينِ.
وَأَيْضًا: فَرِوَايَةُ اللَّيْثِ.
عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي أَوْرَدْنَا رَافِعَةٌ لِكُلِّ شَغَبٍ، وَمُبَيِّنَةٌ أَنَّهُ التَّفَرُّقُ عَنْ الْمَكَانِ بِالْأَبْدَانِ وَلَا بُدَّ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْمُتَبَايِعَيْنِ هَهُنَا: إنَّمَا هُمَا الْمُتَسَاوِمَانِ، كَمَا سُمِّيَ الذَّبِيحُ وَلَمْ يُذْبَحْ - وَقَالَ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 231] : إنَّمَا أَرَادَ تَقَارَبْنَ بُلُوغُ أَجَلِهِنَّ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: إنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» إنَّمَا هُوَ مَا بَيْنَ قَوْلِ أَحَدِهِمَا: قَدْ بِعْتُك سِلْعَتِي هَذِهِ بِدِينَارٍ؟ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْآخَرُ: قَدْ قَبِلْت ذَلِكَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِصَاحِبِهِ: قَدْ ابْتَعْت سِلْعَتَك هَذِهِ بِدِينَارٍ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْآخَرُ: قَدْ بِعْتُكهَا بِمَا قُلْت.
وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّمَا هُوَ مَا بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: بِعْنِي سِلْعَتَك بِدِينَارٍ؟ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ