الثُّلُثُ» وَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ لَا يَصِحُّ، لَكِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَهُ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ» ؛ فَأَمْسَكَ سَهْمَهُ بِخَيْبَرَ، فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ لَهُ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهُمْ غِنًى.
وَبُرْهَانُ هَذَا -: أَنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا أَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَةً، وَالثُّلُثُ عِنْدَ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا الْخَبَرِ لَا يَكُونُ هَكَذَا أَصْلًا، وَلَا يَكُونُ إلَّا بِالْقِيمَةِ.
وَوَجْهٌ رَابِعٌ - وَهُوَ أَنَّنَا رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - وَابْنُ أَبِي عُمَرَ كِلَاهُمَا عَنْ الثَّقَفِيِّ - هُوَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: «أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا» . فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ الْعِتْقَ إنَّمَا كَانَ وَصِيَّةً، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا الصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ سَوَاءٌ، وَلَا تَجُوزُ إلَّا بِالثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَتَانِ حَدِيثًا وَاحِدًا - وَهُوَ الْأَظْهَرُ الَّذِي لَا يَكَادُ يُمْكِنُ وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ - فَقَدْ ارْتَفَعَ الْكَلَامُ، وَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ، وَإِنْ كَانَا خَبَرَيْنِ - وَهَذَا مُمْكِنٌ بَعِيدٌ - فَكِلَاهُمَا لَنَا، وَمُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ ذِكْرٌ لِمَرَضٍ وَلَا لِفِعْلٍ فِي مَرَضٍ أَصْلًا، وَلَا لِأَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ فِي مَرَضٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - فَبَطَلَ عَنْهُمْ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ الْآثَارِ الَّتِي هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهَا، وَعَادَتْ كُلُّهَا لَنَا عَلَيْهِمْ حُجَّةً.
وَأَمَّا مَا رَوَوْا فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا هُمْ ثَلَاثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ -: فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّمَا تَعَلَّقُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ الْوَارِثِ وَهَذَا لَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ - وَهُمْ مَعَنَا أَيْضًا - فِي أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا عَنَى أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْمَرِيضِ الَّذِي يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ الرُّوحِ فِي الْمَرِيضِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَسْمَاءَ لَوْ مَاتَتْ - إذْ قَالَ