يُؤْتَوْنَ أَمْوَالَهُمْ، لَكِنْ يُكْسَوْنَ فِيهَا، وَيُرْزَقُونَ، وَيُرْفَقُ بِهِمْ فِي الْكَلَامِ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمْ، لَكِنْ يُقِرُّ عَنْهُمْ وَلِيُّهُمْ النَّاظِرُ لَهُمْ، فَصَحَّ هَذَا بِيَقِينٍ.
فَمَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ يُغْبَنُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُحْسِنُ حِفْظَ مَالِهِ - وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا مُخَاطَبًا بِالدِّينِ مُمَيِّزًا لَهُ -: دَاخِلٌ فِي " اسْمِ السَّفَهِ " الْمَذْكُورِ فِي الْآيَتَيْنِ، فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَقَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَمَا لَا بُرْهَانَ لَهُ عَلَى صِحَّتِهِ - وَهَذَا كُلُّهُ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] . وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] فَإِذْ لَا بُرْهَانَ لَهُمْ فَلَيْسُوا صَادِقِينَ فِيهِ بِلَا شَكٍّ.
فَصَحَّ أَنَّ الْآيَتَيْنِ مُوَافَقَتَانِ لِقَوْلِنَا مُخَالِفَتَانِ لِقَوْلِهِمْ، وَمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ فِي الْقُرْآنِ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْعَرَبِيُّ الْجَاهِلَ بِكَسْبِ مَالِهِ، أَوْ الْمَغْبُونَ فِي الْبَيْعِ: سَفِيهًا. " وَالسَّفِيهُ " الَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَةِ هُوَ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ لِجُنُونِهِ، وَالضَّعِيفُ الَّذِي لَا قُوَّةَ لَهُ، قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} [الروم: 54] وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ: هُوَ مِنْ بِهِ آفَةٌ فِي لِسَانِهِ تَمْنَعُهُ كَخَرَسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَسَّرَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِكَلَامِهِ، أَوْ بِكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِلُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّهُ أَنْزَلَ بِهَا الْقُرْآنَ، وَبِالْيَقِينِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى - فَهَذِهِ طَرِيقُ النَّجَاةِ، وَأَمَّا بِالظُّنُونِ، وَمَا لَا بُرْهَانَ عَلَيْهِ، فَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] قَالَ: الْعَقْلُ، لَا يُدْفَعُ إلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ - وَإِنْ شَمِطَ - حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُتَيَقَّنُ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] قَالَ: السُّفَهَاءُ: الصِّغَارُ، وَالنِّسَاءُ: مِنْ السُّفَهَاءِ.
وَبِهِ إلَى سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا عَوْنُ بْنُ مُوسَى سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ يَقُولُ: عَوِّدُوا النِّسَاءَ " لَا " فَإِنَّهَا سَفِيهَةٌ إنْ أَطَعْتهَا أَهْلَكَتْك