سَنَةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: 15] فَظَهَرَ فَسَادُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى الْحَجْرِ فَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَلَا يُحْسِنُ ضَبْطَ مَالِهِ: حُجِرَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ لَهُ عِتْقٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا بَيْعٌ، وَلَا هِبَةٌ، وَلَا نِكَاحٌ، وَلَا يَكُونُ وَلِيًّا لِابْنَتِهِ فِي النِّكَاحِ وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ قَرْضًا لَمْ يَلْزَمْهُ أَدَاؤُهُ وَلَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ - وَإِنْ رَشَدَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ: مَا فَعَلَ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَفِعْلُهُ نَافِذٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ إلَى أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ - وَأَجَازَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَدْفَعَ نَفَقَةَ شَهْرٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ: فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ الرُّشْدُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ نَافِذَ الْأَمْرِ حَتَّى يَفُكَّ الْقَاضِي عَنْهُ الْحَجْرَ، وَأَجَازَ لِمَنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ إعْطَاءَ كُلِّ مَا يَمْلِكُ فِي ضَرْبَةٍ وَفِي مَرَّاتٍ وَأَنْفَذَهُ عَلَيْهِ - وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَتَنَاقُضٌ شَدِيدٌ فِي وُجُوهٍ جَمَّةٍ -:
أَحَدُهَا وَأَعْظَمُهَا - إبْطَالُهُ أَعْمَالَ الْبِرِّ الَّتِي نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهَا وَجَعَلَهَا مُنْقِذَاتٍ مِنْ النِّيرَانِ: كَالْعِتْقِ، وَالصَّدَقَةِ، وَإِبْطَالُهُ الْبَيْعَ الَّذِي أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، لَا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى بِغَيْرِ بُرْهَانٍ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ.
وَثَانِيهَا - إبْطَالُهُ الْوَلَايَةَ لِمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيًّا لَهَا فِي الْإِنْكَاحِ - فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، اللَّذَيْنِ هُمَا غَيْرُ مُخَاطَبَيْنِ، وَلَا مُكَلَّفَيْنِ إنْقَاذَ أَنْفُسِهِمَا مِنْ النَّارِ، وَلَا وَلَايَةَ لَهُمَا، فَلْيُسْقِطُوا عَنْهُ الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مُكَلَّفًا مُخَاطَبًا مَأْمُورًا مَنْهِيًّا مَنْدُوبًا مَوْعُودًا مُتَوَعَّدًا: فَمَا بَالُهُمْ يَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَدَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ، وَجَعَلَهُ فِي يَدَيْهِ مِنْ الْوَلَايَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] وَمَا الَّذِي أَسْقَطَ عَنْهُ هَذَا الْخِطَابَ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَالتَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ؟ وَمَا نَدْرِي مَا هَذَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ يَقْصِدُ بِذَلِكَ اللَّهَ تَعَالَى، لَمْ نَمْنَعْهُ. قُلْنَا لَهُمْ: مَا عِلْمُكُمْ بِهَذَا مِنْهُ، وَلَا جَهْلُكُمْ بِهِ مِنْهُ، إلَّا كَعِلْمِكُمْ بِهِ وَجَهْلِكُمْ مِنْ غَيْرِهِ، مِمَّنْ تُطْلِقُونَهُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَتُنَفِّذُونَهُ مِنْهُ، وَلَعَلَّهُ أَبْعَدُ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَقَلُّ