المحلي بالاثار (صفحة 2664)

مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ، وَالْقَرْضُ أَجْرٌ وَبِرٌّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَزُفَرُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ عَلَى جَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا، وَفِي الْمُزَارَعَةِ فَأَجَازَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا - حَاشَا مَالِكًا وَحْدَهُ - كِرَاءَ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَبِالطَّعَامِ الْمُسَمَّى كَيْلُهُ فِي الذِّمَّةِ - مَا لَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَخْرُجُهُ تِلْكَ الْأَرْضُ - وَبِالْعُرُوضِ كُلِّهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ كِرَاءَ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا: كَالْعَسَلِ، وَالْمِلْحِ، وَالْمُرِّيِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَجَازَ كِرَاءَهَا بِالْخَشَبِ وَالْحَطَبِ وَإِنْ كَانَا يَخْرُجَانِ مِنْهَا - وَهَذَا تَقْسِيمٌ لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَتَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ - وَمَا نَعْلَمُ لِقَوْلِهِ هَذَا مُتَعَلَّقًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ - يَعْنِي اسْتِثْنَاءَهُ الْعَسَلَ، وَالْمِلْحَ، وَإِجَازَتَهُ الْخَشَبَ، وَالْحَطَبَ.

وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إعْطَاءَ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يُزْرَعُ فِيهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ - وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ وَشَجَرٌ، فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْبَيَاضِ مِنْ الْأَرْضِ ثُلُثَ مِقْدَارِ الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ السَّوَادُ مِقْدَارَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ تُعْطَى بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ عَلَى مَا يُعْطَى بِهِ ذَلِكَ السَّوَادُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِمَّا تُخْرِجُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي خِلَالِ الشَّجَرِ لَا يُمْكِنُ سَقْيُهَا وَلَا عَمَلُهَا إلَّا بِعَمَلِ الشَّجَرِ وَحَفْرِهَا وَسَقْيِهَا، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ إعْطَاؤُهَا بِثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ أَوْ نِصْفٍ عَلَى مَا تُعْطَى بِهِ الشَّجَرُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُد: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تُعْطَى هِيَ وَالشَّجَرُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: حُجَّةُ جَمِيعِهِمْ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ «نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إعْطَاءِ الْأَرْضِ بِالنِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ» ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَلَسْنَا نُخَارِجُهُمْ الْآنَ فِي أَلْفَاظِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ بَلْ يَقُولُ: نَعَمْ، قَدْ صَحَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015