المحلي بالاثار (صفحة 2556)

نَتَاجٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ، حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى رَدَّهُ إلَيْهِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ إمْسَاكَهُ عَنْهُ، فَهُوَ مُعْتَدٍ بِذَلِكَ يَقِينًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى.

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ، فَإِنَّهُ حِينَ زَادَ ثَمَنُهُ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، فَكَانَ لَازِمًا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ وَهُوَ يُسَاوِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا لَزِمَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ رَدُّ مَا لَزِمَهُ رَدُّهُ.

وَأَمَّا الْكِرَاءُ: فَإِنَّهُ إذْ حَالَ بَيْنَ صَاحِبِهِ وَبَيْنَ عَيْنِ مَالِهِ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنَافِعِهِ فَضَمِنَهَا، وَلَزِمَهُ أَدَاءُ مَا مَنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَكِرَاءُ مَتَاعِهِ مِنْ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ، فَفَرْضٌ عَلَى مَانِعِهِ إعْطَاؤُهُ حَقُّهُ.

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا -: قَوْلُ الْحَنَفِيِّينَ إنَّ الْكِرَاءَ لِلْغَاصِبِ وَالْغَلَّةَ، وَلَا يَضْمَنُ وَلَدَهَا الْمَوْتَى، ثُمَّ يَقُولُونَ فِيمَنْ صَادَ ظَبْيَةً فِي الْحَرَمِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَقْتُلْهَا، حَتَّى إذَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ أَوْلَادًا فَمَاتُوا وَلَمْ يَذْبَحْهُمْ: أَنَّهُ يَجْزِيهَا وَيَجْزِي أَوْلَادَهَا - فَلَوْ عَكَسُوا لَأَصَابُوا وَمَا أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى صَائِدَ الظَّبْيَةِ ضَمَانَهَا - عَاشَتْ أَوْ مَاتَتْ - إلَّا أَنْ يَقْتُلَهَا عَامِدًا، وَإِلَّا فَلَا، فَهُمْ أَبَدًا يُحَرِّفُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مَوَاضِعِهِ.

وَأَعْجَبُ شَيْءٍ احْتِجَاجُ بَعْضِ مُتَصَدِّرِيهِمْ بِالْجَهْلِ بِأَنْ قَالَ: وَأَيُّ ذَنْبٍ لِلْوَلَدِ حَتَّى يُسْتَرَقَّ؟ فَقُلْنَا: مَا عَلِمْنَا ذَنْبًا يُوجِبُ الِاسْتِرْقَاقَ، وَالرِّدَّةَ، وَقَتْلَ الْمُؤْمِنِ عَمْدًا، وَتْرُكَ الصَّلَاةِ، وَزِنَى الْمُحْصَنِ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُوجِبُ اسْتِرْقَاقَ فَاعِلِهِ وَأَوْلَادُ الْكُفَّارِ يُسْتَرَقُّونَ وَلَا ذَنْبَ لَهُمْ فَلَيْسَ يَعْتَرِضُ بِمِثْلِ هَذَا الْهَوَسِ إلَّا مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا دِينَ.

وَأَمَّا إسْقَاطُنَا الْمَهْرَ فِي وَطْءِ الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَحِقِّ، فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَمَالُ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ: حَرَامٌ، إلَّا مَا أَوْجَبَهُ النَّصُّ وَلَا مَهْرَ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ لِلَّتِي نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَقَطْ - عَلَى مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ - وَإِنَّمَا عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا نَقَصَهُ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِزِنَى الْغَاصِبِ أَوْ بِجَهْلِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ بِذَلِكَ بَعْضَ قِيمَةِ أَمَةِ غَيْرِهِ فَقَطْ.

وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ: فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُعْطَى إلَّا الْقِيمَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015