أَمْرٌ بِرَدِّ الْبَيْعِ فِيهِ قَالَ: يَرُدُّهَا وَنَمَاءَهَا، وَالْجَارِيَةُ إذَا وَلَدَتْ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا: فَلِمَ فَرَّقْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَحِقِّ فَأَلْحَقْتُمْ الْوَلَدَ بِالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَلَمْ تُلْحِقُوهُ بِالْغَاصِبِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ اثْنَانِ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ فَأَسْلَمَ النَّاسُ وَفِيهِمْ أَوْلَادُ الْمَنْكُوحَاتِ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ وَالْمُتَمَلِّكَاتِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْمُتَمَلِّكُ، وَالنَّاكِحُ يَظُنَّانِ أَنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ وَالْمِلْكَ حَقٌّ، فَأَلْحَقَهُمْ بِآبَائِهِمْ، وَلَمْ يُلْحِقْ قَطُّ وَلَدَ غَاصِبٍ، أَوْ زَانٍ بِمَنْ وَضَعَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، بَلْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» وَالْغَاصِبُ وَالْعَالِمُ بِفَسَادِ عَقْدِهِ - مِلْكًا كَانَ أَوْ زَوَاجًا - عَاهِرَانِ فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْوَلَدِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَهَذَا مَكَانٌ خَالَفُوا فِيهِ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ إلَّا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لَهُ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: تُرَدُّ إلَيْهِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ فَيَغْرَمُ الَّذِي بَاعَ بِمَا عَزَّ وَهَانَ، فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِهَذِهِ، وَقَدْ كَذَبُوا لِأَنَّهُمْ لَا يُغَرِّمُونَ الْبَائِعَ مَا يَفْدِي بِهِ وَلَدَهُ، إلَّا الرِّوَايَةَ الْمُنْقَطِعَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِي أَوْلَادِ الْغَارَّةِ بِقِيمَتِهِمْ وَالْقِيمَةُ قَدْ صَحَّتْ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا عَبْدٌ مَكَانَ عَبْدٍ أَوْ عَبْدَانِ مَكَانَ عَبْدٍ؛ فَقَدْ خَالَفُوا هَذَا أَيْضًا.
وَخَالَفُوا كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَهُمْ جُمْهُورُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ فِي فِدَاءِ وَلَدِ الْغَارَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِعَبْدٍ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ يَضْمَنُ كُلَّ مَا مَاتَ مِنْ الْوَلَدِ وَالنِّتَاجِ، وَمَا تَلِفَ مِنْ الْغَلَّةِ وَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فِي الْجِسْمِ وَالْقِيمَةَ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَكَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ كُلَّ ذَلِكَ فَهُوَ مُعْتَدٍ بِإِمْسَاكِهِ مَالَ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى.
فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ مُعْتَدِيًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ غَصْبَ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ رِيحٍ أَلْقَتْ ثَوْبًا فِي مَنْزِلِ الْإِنْسَانِ؟ قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ الَّذِي رَمَتْ الرِّيحُ الثَّوْبَ فِي مَنْزِلِهِ لَيْسَ مُتَمَلِّكًا لَهُ وَلَوْ تَمَلَّكَهُ لَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَهَذَا الْمُشْتَرِي أَوْ الْغَاصِبُ مُتَمَلِّكٌ لِكُلِّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ غَلَّةٍ، أَوْ زِيَادَةٍ، أَوْ