وَأَيْضًا - فَإِنَّنَا لَا نَدْرِي مَا كَانَ ذَلِكَ الذَّبْحُ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَبَطَلَ هَذَا التَّشْبِيهُ - وَرُوِّينَا عَنْهُ قَوْلًا ثَالِثًا أَيْضًا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ نَفْسَهُ، قَالَ: لِيُهْدِ مِائَةَ نَاقَةٍ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْت سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: إنِّي كُنْت أَسِيرًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَنَذَرْت إنْ نَجَّانِي اللَّهُ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا، وَأَنْ أَنْحَرَ نَفْسِي، وَإِنِّي قَدْ فَعَلْت ذَلِكَ؟ قَالَ وَفِي عُنُقِهِ قِدٌّ فَأَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى امْرَأَةٍ سَأَلَتْهُ وَغَفَلَ عَنْ الرَّجُلِ، فَانْطَلَقَ لِيَنْحَرَ نَفْسَهُ، فَسَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ؟ فَقِيلَ لَهُ: ذَهَبَ لِيَنْحَرَ نَفْسَهُ، فَقَالَ عَلَيَّ بِالرَّجُلِ؟ فَجَاءَ، فَقَالَ: لَمَّا أَعْرَضْت عَنِّي انْطَلَقْت أَنْحَرُ نَفْسِي؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ فَعَلْت مَا زِلْت فِي نَارِ جَهَنَّمَ، اُنْظُرْ دِيَتَك فَاجْعَلْهَا فِي بُدْنٍ فَأَهْدِهَا فِي كُلِّ عَامٍ شَيْئًا، وَلَوْلَا أَنَّك شَدَدْت عَلَى نَفْسِك لَرَجَوْت أَنْ يُجْزِيك كَبْشٌ - وَهَذِهِ آثَارٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ.
وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَفْتَى رَجُلًا نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ نَفْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَتَجِدُ مِائَةَ بَدَنَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْحَرْهَا، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَا لَوْ أَمَرْته بِكَبْشٍ لَأَجْزَأَ عَنْهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَنَّ عِكْرِمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ أَذْنَبْت ذَنْبًا لَئِنْ أَمَرْتنِي لَأَنْحَرَنَّ السَّاعَةَ نَفْسِي وَاَللَّهِ لَا أُخْبِرُكَهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى، لَعَلِّي أَنْ أُخْبِرَك بِكَفَّارَةٍ، قَالَ فَأَبَى، فَأَمَرَهُ بِمِائَةِ نَاقَةٍ - وَهَذَا أَيْضًا إسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ سَاقِطَةٍ فِيهَا ابْنُ حَبِيبٍ الْأَنْدَلُسِيُّ: أَنَّ عَلِيًّا، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ أَفْتَوْا فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ ابْنَهُ؟ أَنْ يُهْدِيَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ أَنَّهُمْ ثَلَاثَتُهُمْ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: يَنْحَرُ بَدَنَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَكَبْشًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ أَقْوَالٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صِحَاحٌ لَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ لَمْ يُعْصَمْ مِنْ