وَقَالَتْ طَائِفَةٌ - مَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى قَتَادَةَ، قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِخُمُسِهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَصَدَّقُ بِرُبْعِ الْعُشْرِ - كَمَا رُوِّينَا ذَلِكَ آنِفًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ، وَسَوَّى بَيْنَ مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ بِصَدَقَةِ جُزْءٍ مِنْهُ سَمَّاهُ وَإِنَّمَا رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي الْيَمِينِ بِذَلِكَ.
وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ قَوْلَ رَبِيعَةَ هَذَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ - كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، كِلَاهُمَا عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ قَالَ: إبِلِي نَذْرٌ، أَوْ هَدْيٌ، أَنَّهُ يُجْزِيه بَعِيرٌ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ: لَعَلَّهُ يُجْزِيه إنْ كَانَتْ إبِلُهُ كَثِيرَةً.
وَقَالَ ابْنُ ذَرٍّ عَنْهُ: يُهْدِي جَزُورًا ثَمِينًا، وَيُمْسِكُ بَقِيَّةَ إبِلِهِ.
وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَلَهُمْ أَقْوَالٌ غَيْرُ هَذَا كُلِّهِ -:
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ نَذْرًا، أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْ مَالِهِ بِكُلِّ نَوْعٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَقَطْ، كَالْمَوَاشِي، وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ نِصَابٌ تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ، أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ - وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا نَدْرِي مَا قَوْلُهُمْ فِي الْحُبُوبِ وَمَا يُزْرَعُ، وَالثِّمَارُ، وَالْعَسَلُ؟ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ هَذَا عِنْدَهُ نَعَمْ، وَفِي كُلِّ عَرَضٍ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُ بِقُرْآنٍ وَلَا بِسُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ سَلَفٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ: الْمَالُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الزَّكَاةُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الصَّدَقَةُ الْمَأْخُوذَةُ إنَّمَا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَمْلِكُ الْمَرْءُ، وَمَا اخْتَلَفَ قَطُّ عَرَبِيٌّ، وَلَا لُغَوِيٌّ، وَلَا فَقِيهٌ، أَنَّ الْحَوَائِطَ، وَالدُّورَ تُسَمَّى: مَالًا، وَأَمْوَالًا - وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ حَمِيرٌ، وَدُورٌ، وَضِيَاعٌ، فَإِنَّهُ حَانِثٌ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ -: وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبُّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءُ «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ؟ فَقَالَ: إنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ» .