المحلي بالاثار (صفحة 2365)

أَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ إذَا أَرَانِي مَصْرَعَ فُلَانٍ - وَذَلِكَ الْفُلَانُ مَظْلُومٌ -: فَكُلُّ هَذَا لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا كَفَّارَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ تَعَالَى فَقَطْ.

وَكَذَلِكَ مَنْ أَخْرَجَ نَذْرَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، فَقَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، أَوْ عَلَيَّ عِتْقُ خَادِمِي فُلَانَةَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، أَوْ إنْ زُرْت فُلَانًا، فَكُلُّ هَذَا لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَا كَفَّارَةٌ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ فَقَطْ.

فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَا خَرَجَ مِنْ هَذَا مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَعَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَا خَرَجَ مِنْ هَذَا مَخْرَجَ الْيَمِينِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: أَمَّا الْمَنْعُ مِنْ النَّذْرِ فَلِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَلَكِنْ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» هَذَا لَفْظُ سُفْيَانَ. وَلَفْظُ شُعْبَةَ إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ مَكَانَ «إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» وَاتَّفَقَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَصَحَّ أَيْضًا مُسْنَدًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ " أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا أَنْذِرُ أَبَدًا " وَهَذَا يُوجِبُ مَا قُلْنَا: مِنْ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَإِذَا وَقَعَ لَزِمَ وَاسْتُخْرِجَ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ. وَأَيْضًا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7] . وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] . وقَوْله تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 33] . فَصَحَّ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ كُلَّ مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015