ثُمَّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ. ثُمَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ - وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَلْهَانِيُّ - دِمَشْقِيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. ثُمَّ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَبَطَل كُلُّهُ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْعٌ مِنْ أَكْلِ مَا عَدَا ذَلِكَ. وَلَا مُتَعَلِّقَ لِلْمَالِكِيِّينَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيجَابُ الحُّلْقُومِ وَقَدْ أَوْجَبُوهُ، وَلَا فِيهِ إيجَابُ الذَّبْحِ مِنْ الْحَلْقِ وَقَدْ أَوْجَبُوهُ - فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ: إنْ رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ - فَقَوْلٌ فَاسِدٌ جِدًّا - وَحُجَّتُهُمْ لَهُ: أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ فِي حَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهَا فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي مَيِّتَةٍ وَلَا بُدَّ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَأَيْنَ وَجَدْتُمْ تَحْرِيمَ مَا هَذَا صِفَتُهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا، وَهَلْ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى قَطْعِ مَا قَطَعَ رَجَاءٌ فِي حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ؟ هَذَا مَا لَا رَجَاءَ فِيهِ، فَتَمَادِيهِ فِي الْقَطْعِ بِغَيْرِ رَفْعِ يَدٍ أَوْ بَعْدَ رَفْعِ يَدٍ، إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا تُرْجَى حَيَاتُهُ - فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَذْبُوحٍ أَبَدًا، لِأَنَّهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّبْحِ وَلَا بُدَّ قَدْ حَصَلَ فِي حَالٍ لَا يَعِيشُ مِنْهَا - مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَدَعْوَى أَيْضًا بِلَا بُرْهَانٍ - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ لَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ أَبَانَ الرَّأْسَ غَيْرَ عَامِدٍ حَلَّ أَكْلُهُ، فَإِنْ أَبَانَهُ عَامِدًا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ - فَقَوْلٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ بِلَا بُرْهَانٍ أَصْلًا، وَإِذَا تَمَّتْ ذَكَاتُهُ عَلَى إقْرَارِهِ وَعَلَى تَمَامِ شُرُوطِهِ فَمَا الَّذِي يَضُرُّ تَعَمُّدَ قَطْعِ الرَّأْسِ حِينَئِذٍ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْمَذْبُوحِ؟ قُلْنَا: فَتَعْذِيبُهُ عِنْدَكُمْ بَعْدَ تَمَامِ ذَكَاتِهِ مَانِعٌ مِنْ أَكْلِهِ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: لَا، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ تَحْرِيمُهُ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّعْذِيبِ خَاصَّةً؟ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا أُبِينَ رَأْسُهُ عَنْ عَطَاءٍ. وَكَرِهَ نَافِعٌ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ سِيرِينَ مَا أُبِينَ رَأْسُهُ.