بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ وُجُوبَ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَصَحَّ بِذَلِكَ غُسْلُ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ - قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا - وَسَتْرُ جَمِيعِهَا بِالْكَفَنِ وَالدَّفْنِ، فَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ.
فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَمَلُهُ فِيمَا أَمْكَنَ عَمَلُهُ فِيهِ، بِالْوُجُودِ مَتَى وُجِدَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ ذَلِكَ فِي الْأَعْضَاءِ الْمُفَرَّقَةِ بِلَا بُرْهَانٍ
وَيَنْوِي بِالصَّلَاةِ عَلَى مَا وُجِدَ مِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى جَمِيعِهِ: جَسَدِهِ، وَرُوحِهِ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: إنْ وُجِدَ نِصْفُ الْمَيِّتِ الَّذِي فِيهِ الرَّأْسُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الرَّأْسُ -: غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ؟ وَإِنْ وُجِدَ النِّصْفُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الرَّأْسُ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي فِيهِ الرَّأْسُ -: لَمْ يُغَسَّلْ، وَلَا كُفِّنَ، وَلَا صُلِّيَ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا تَخْلِيطٌ نَاهِيَك بِهِ
وَقِيلَ لَهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى أَكْثَرِهِ وَاجِبَةٌ، وَعَلَى نِصْفِهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ؟ وَأَنْتُمْ قَدْ جَعَلْتُمْ الرُّبْعَ - فِيمَا أَنْكَشَفَ مِنْ بَطْنِ الْحُرَّةِ وَشَعْرِهَا - كَثِيرًا فِي حُكْمِ الْكُلِّ، وَجَعَلْتُمْ الْعُشْرَ - فِي بَعْضِ مَسَائِلِكُمْ أَيْضًا - فِي حُكْمِ الْكُلِّ؟ وَهُوَ مِنْ حَلْقِ عُشْرِ رَأْسِهِ، أَوْ عُشْرِ لِحْيَتِهِ مِنْ الْمُحْرِمِينَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا؟
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّهُمَا صَلَّيَا عَلَى رِجْلِ، إنْسَانٍ؟ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عِظَامٍ وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَأْسٍ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ جَاءَ بِهِ نَصٌّ قَاطِعٌ، أَغْنَى عَنْ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ