قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا إخْبَارٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ، وَأَنَّ النَّاسَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَيَلْبَسُونَ النِّعَالَ فِي مَدَافِنِ الْمَوْتَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَلَى عُمُومِ إنْذَارِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَالْأَخْبَارُ لَا تُنْسَخُ أَصْلًا.
فَصَحَّ إبَاحَةُ لِبَاسِ النِّعَالِ فِي الْمَقَابِرِ، وَوَجَبَ اسْتِثْنَاءُ السِّبْتِيَّةِ مِنْهَا، لِنَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ فَقَالَ: لَعَلَّ تَيْنِكَ النَّعْلَيْنِ كَانَ فِيهِمَا قَذَرٌ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ قَطَعَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَوَّلَهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِالظَّنِّ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَكِلَاهُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا؟
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فَهَبْكَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ أَتَقُولُونَ: بِهَذَا أَنْتُمْ؟ فَتَمْنَعُونَ مِنْ الْمَشْيِ، بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ فِيهِمَا قَذَرٌ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: لَا؟ فَيُقَالُ لَهُمْ: فَأَيُّ رَاحَةٍ لَكُمْ فِي دَعْوَى كَاذِبَةٍ؟ ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لِمَ تَقُولُوا بِهَا، وَلَبَقِيتُمْ مُخَالِفِينَ لِلْخَبَرِ بِكُلِّ حَالٍ؟ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: وَلَعَلَّ الْبِنَاءَ فِي الرُّعَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّمِ الْأَسْوَدِ لِشَبَهِهِ بِدَمِ الْحَيْضِ، وَلَعَلَّ فَسَادَ صَلَاةِ الرَّجُلِ إلَى جَنْبِ الْمَرْأَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ شَابَّةً خَوْفَ الْفِتْنَةِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ
580 - مَسْأَلَةٌ: وَيُصَلَّى عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَنَّهُ ظُفْرٌ أَوْ شَعْرٌ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شَهِيدٍ فَلَا يُغَسَّلُ، لَكِنْ يُلَفُّ وَيُدْفَنُ؟ وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ.
فَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْمَيِّتِ عُضْوٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا غُسِّلَ أَيْضًا، وَكُفِّنَ، وَدُفِنَ، وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ثَانِيَةً، وَهَكَذَا أَبَدًا؟