مَعَ مَحَله من الدّين وموضعه من الْعلم لَا يسع أحدا أَتَى بعده
حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ نَا ابو بكر بن الانباري قَالَ نَا أبي قَالَ نَا ابو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي قَالَ ابو الاسود للَّذي امسك الْمُصحف إِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف وَإِذا ضممتهما فَاجْعَلْ النقطة الى جَانب الْحَرْف وَإِذا كسرتهما فَاجْعَلْ النقطة فِي اسفله
قَالَ ابو عَمْرو فاتباع هَذَا اولى وَالْعَمَل بِهِ فِي نقط الْمَصَاحِف احق لَان الَّذِي رَآهُ أَبُو الاسود وَمن بِحَضْرَتِهِ من الفصحاء وَالْعُلَمَاء حِين اتَّفقُوا على نقطها أوجه لَا شكّ من الَّذِي رَآهُ من جَاءَ بعدهمْ لتقدمهم ونفاذ بصريرتهم فَوَجَبَ الْمصير الى قَوْلهم وَلزِمَ الْعَمَل بفعلهم دون مَا خَالفه وَخرج عَنهُ
على أَن اصطلاحهم على جعل الحركات نقطا كنقط الإعجام قد يتَحَقَّق من حَيْثُ كَانَ معنى الْإِعْرَاب التَّفْرِيق بالحركات والإعجام من قَوْلهم اعجمت الشَّيْء إِذا بَينته وَكَانَ الاعجام ايضا يفرق بَين الْحُرُوف المشتبهة فِي الرَّسْم وَكَانَ النقط يفرق بَين الحركات المختفلة فِي اللَّفْظ فَلَمَّا اشْتَركَا فِي الْمَعْنى اشرك بَينهمَا فِي الصُّورَة وَجعل الاعجام بِالسَّوَادِ وَالْإِعْرَاب بِغَيْرِهِ فرقا بَين إعجام الْحُرُوف وَبَين تحريكها وَاقْتصر فِي الاعجام أَولا على النقط من حَيْثُ اريد الايجاز والتقليل لَان النقط اقل مَا يبين بِهِ وَهَذَا لطيف جدا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق