وقد كان ينبغي للألف أن تُحذف من كله؛ لأنها لام زيدت على الألف؛ كقوله: (لأخوك خير من أبيك)؛ ألا ترى أنه لا ينبغي أن تُكتب بألف بعد لام ألف.
وأما قوله: {لاَ انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256] فتكتب بالألف؛ لأن (لا) في (انفصام) تبرئة، والألف من (انفصام) خفيفة» (?).
إذا تأمَّلت نقد الفراء (ت207هـ) ـ رحمه الله تعالى ـ وجدته قد وضع للخطِّ معياراً، وهو ما يعرفه من الهجاء الذي في عصره، فحاكَمَ به هجاء الصحابة رضي الله عنهم، وهنا وقع في الغلط عليهم بنسب هجائهم إلى السوء، وليس الأمر كذلك، بل هذا من اصطلاحاتهم المعروفة عندهم، والتي لا يُثرَّب عليهم فيها.
ونحن لو اطلعنا على هجاء الفراء (ت207هـ)، وحاكمناه إلى هجاء عصرنا لقلنا فيه مثل قولته في هجاء الصحابة رضي الله عنهم، لكن الأمر ليس كذلك، فلكل عصر أسلوبه وطريقته في الرسم، والله أعلم.
2 - أن الرسم الذي كتب به الصحابة كان مجردّاً من أية علامة؛ لأنها غير موجودة أصلاً، إذ لم يكن في عصرهم نقط ولا شكل، ولا أي من علامات الضبط التي أُلحِقت فيما بعد، شأنه في ذلك شأن الكتابة في هذا العصر، كما هو واضح من موازنة خط المصحف بما وُجِد من خطوط تعود إلى هذا الزمن، ولهذا فإن من يمثل بحرف (فتبينوا، فتثبتوا) أنهم رسموه في مصحف بلفظ (فتبينوا)، وفي مصحف آخر بلفظ (فتثبتوا)، فقد غفل عن هذه المزية في رسم الصحابة؛ لأن اللفظة إذا جُرِّدت من النقط احتملت القراءتين، فلم يعمدوا إلى ما يذكره بعضهم في التمثيل بهاتين القراءتين.
3 - أن الأصل في القرآن الاعتماد على المسموع المحفوظ في الصدور لا المرسوم، فالقراءة لما سمع أصل والرسم تبعٌ، ومن المعلوم أنه