وهذا القول لا يدل عليه دليل صحيح، وقد قال الناظم في هذا (?):
والخط فيه معجز للناس ... وحائد عن مقتضى القياس
لا تهتدي لسره الفحول ... ولا تحوم حوله العقول
قد خصه الله بتلك المنْزله ... دون جميع الكتب المنَزَّله
ليظهر الإعجاز في المرسوم ... منه كما في لفظه المنظوم
إلى أن قال:
وقد تكلَّف شيوخ الكتبه ... فسارعوا فيه لنحت الأجوبه
فذكروا من ذاك ما لا يُقنِع ... قلباً ولا غِلَّ غليل يُنقِع
وقد ذهب قبله إلى هذا أبو العباس أحمد بن البناء المراكشي (ت721هـ) في كتابه «عنوان الدليل في مرسوم خط التنْزيل» (?).
والذي أوقع أصحاب هذا المذهب، ومذهب من يتطلب العلل للرسم هو ادعاء اطراد العلل، وذلك ما لا يوجد في الرسم العثماني؛ لأنهم كتبوه على معهودهم في الرسم ولم يخترعوا رسماً خاصّاً فيقال بطلب العلل لذلك.
ومما وقع من انتقاد للصحابة في رسمهم ما ذكره الفراء (ت207هـ) في كتابه «معاني القرآن» عند حديثه عن قوله تعالى: {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} [النمل: 21]، قال: «وكُتبت بلام ألف وألف بعد ذلك، ولم يُكتب في القرآن لها نظير، وذلك أنهم لا يكادون يستمرون في الكتاب على وجهة واحدة، ألا ترى أنهم كتبوا {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: 5] بغير ياء، {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ} [يونس: 101] بالياء، وهو من سوء هجاء الأولين.
وأما قوله: {أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ} [النمل: 21] فقد كُتِبت بالألف وبغير الألف.