والأصل في ذلك ـ والله أعلم ـ أنه لا اختلاف في هذه الأمور، بل إنها كُتِبت كما عهدوه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فما كان لهم من أمر القرآن سوى جمعه في مصحف واحدٍ، ثمَّ نسخه في عهد عثمان، والله أعلم.
وقد أخرج البخاري ما يؤنس بأن ما بين الدفتين مما كان من عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس رضي الله عنهما، فقال له شداد بن معقل: «أَتَرَكَ النبي صلّى الله عليه وسلّم من شيء؟
قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين.
قال: ودخلنا على محمد ابن الحنفية، فسألناه، فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين» (?).
يقول البيهقي: «وأَمَرَ أبو بكر رضي الله عنه بجمع القرآن، ونَقَلَه إلى مصحفٍ، ثم اتخذ عثمان من ذلك المصحف مصاحف، وبعث بها إلى الأمصار، ولم يُعْرَف أنه أُثبت في المصحف الأول، ولا فيما نُسِخَ منه شيء سوى القرآن، فلذلك ينبغي أن يُعمل في كتابة كل مصحف» (?).
• المرحلة الثالثة *
في عهد عثمان رضي الله عنه
كانت هذه المرحلة هي خاتمة مراحل جمع القرآن المعتمد عليه عند المسلمين، ولقد كانت مهمة عثمان تتمثل في نسخ مصحف أبي بكر إلى عدد من المصاحف ليعتمد عليها المسلمون، ولتكون من الموازين التي يعلمون بها صحة ما يُنسب إلى القرآن من حيث أصول حروفه وكلماته وجُمَلِه، إذ قد يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قراءاتٍ لكنها مما تُركت في العرضة