الزمان الذي رجحه بعض المتقدمين كابن حجر العسقلاني (ت852هـ) والسيوطي (ت911هـ) وغيرهما.
والمقصود هنا التنبيه على أنه لا تعارض بين مذهب السلف في التعبير عن النُّزول بالمكان، وما ذهب إليه المتأخرون من العلماء من أن ما نزل قبل الهجرة فهو مكي، وما نزل بعد الهجرة فهو مدني؛ لأن السلف كانوا يعتنون بذكر المكان، ويعملون بالزمان في تطبيقاتهم التفسيرية، ومما يدل على ذلك ما يأتي: قال سعيد بن منصور: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر قال: «سألت سعيد بن جبير عن قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] أهو عبد الله بن سلام؟ فقال: كيف؟ وهذه السورة مكية» (?).
ويمكن تلخيص القول في هذه المسألة بأن يُعتبر المصطلحان معاً بحيث يكون في ذكر مكان النُّزول إشارة إلى ضابط الزمان إن احتاج الأمر إلى ذلك.
وإذا تأملت ذلك وجدت:
1 - أن كل ما وُصِف من القرآن بأنه مدني فلا يدخله اللَّبس، فما وصف بالمدني فهو بعد الهجرة لا قبلها قطعاً.
2 - أنَّ الأماكن التي ثبت أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما ذهب إليها بعد الهجرة؛ ـ كبعض غزواته: غزوة بني المصطلق وغزوة تبوك ـ لا يمكن أن يقال: إنها من المكي؛ لأنها بعد الهجرة.
3 - يبقي الأمر في بعض السور والآيات التي نزلت بمكة بعد الهجرة، وهي قليلة بالنسبة لسور وآيات القرآن.
وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة إلى الترجيح بين المصطلحين ـ كما ذهب إليه بعض من كتب في المكي والمدني ـ لأمن اللبس في أغلب نزول القرآن من هذه الجهة، والله أعلم.