وهي عين حول في الأصل. أفلا ترى إلى استحالة أحوال الحروف من الزيادة إلى الأصل، ومن الأصل إلى الزيادة؟ وهذا كقول الله سبحانه: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر 1} .
ومن ذلك قراءة الحسن: "وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيل2"، بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح: هذا مثال لا نظير له؛ لأنه أفعيل، وهو عندهم من تجلت الشيء: إذا استخرجته؛ لأنه حال الحرام من الحلال، كما قيل لنظيره: التوراة، وهي فوعلة من ورى الزند يرى: إذا أخرج النار، ومثله الفرقان، وهو فعلان من فرق بين الشيئين.
قال أبو النجم:
تنجل أيديهن كل منجل3
يصف أيدي الإبل، وإنها في سيرها تثير الأرض، وتستخرج باطنها. فعلى هذا لا يجوز فتح الهمزة؛ لأنه لا نظير له. وغالب الظن وأحسنه به- أن يكون ما قرأة. إلا عن سماع، فإن يكن كذلك فشاذ شذ، كما قال بعضهم في البرطيل: البرطيل، ونحو منهما ما حكاه أبو زيد من قولهم: السكينة بفتح السين، وتشديد الكاف. وربما ظن "الأنجيل" أعجميا فأجرى عليه بتحريف مثاله.
ومن ذلك قراءة الحسن: "لِيلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ4"، بنصب اللام5، وبجزم الياء، ولا يهمز.
قال أبو الفتح: حكاه قطرب -فيما رويناه عنه- "ليلا"، بكسر اللام، وسكون الياء، وقال: حذف همزة "أن"، وأبدل "النون" ياء، هكذا قال.
والذي حكاه ابن مجاهد: بفتح اللام، وسكون الياء.
وما ذكره قطرب من الكسر أقرب؛ وذلك أنه إذا حذف "الهمزة" بقى بعد ذلك "لئلا"،