ومن ذلك قراءة زيد بن أسلم وأبي بن جعفر القارئ: "أَلَا مَنْ ظَلَم"1، بفتح الهمزة، خفيفة اللام.

قال أبو الفتح: "مَنْ" ههنا مرفوعة بالابتداء، وخبره "ظلم" كقول: من يَقُم أضربْ زيدا، فيقم خبر عن "من" حيث كان شرطا. وكأن من عَدَلَ إلى هذا جفا عليه انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية. و"من" هناك منصوبة على الاستثناء، وهو منقطع بمعنى لكن، فقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} معناه: لكن من ظلم كان كذا. ولعمري إن الاستثناء المنقطع فاش في القرآن وغيره، إلا أنه -مع ذلك- مُحوِج إلى التأول وإعمال القياس والتمحّل.

ومن ذلك قراءة قتادة وعلي بن الحسين: "مَبْصَرَةً"2.

قال أبو الفتح: هو كقولك: هُدًى، ونورا. وقد كثرت المَفْعَلَة بمعنى الشِّياع والكثرة في الجواهر والأحداث جميعا، وذلك كقولهم: أرض مَضَبَّةٌ: كثيرة الضِّبَاب، ومثْعلَة: كثيرة الثعالي3، ومَحْيَاة ومَحْوَاة ومَفْعَاة: كثير الحيات والأفاعي، فهذا [118ظ] في الجواهر4. وأما الأحداث فكقولك: البِطْنَة مَوْسَنَة، وأكل الرطَب مَوْرَدَة5 ومَحَمَّة. ومنه المَسْعَاة، والمَعْلَاة، والحقُّ مَجْدَرَة بك، ومَخْلَقَة ومَعْسَاة، ومَقْمَنَة، ومَحْجَاة. وفي كله معنى الكثرة من موضعين:

أحدهما المصدرية التي فيه، والمصدر إلى الشياع والعموم والسعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015