قال أمية:

تَبَارَكَ أمْ صِدِّيقُ حَقًّا ... كانَ مِن كُل عَتِيقَا

خالِقُ الخَلْقِ جَمِيعًا ... ويعُودُ الخَلْقُ صِيقَا

أي ترابا: والتاء في "تبارك" زائدة على بناء البيت. ومعتدة خزما كالواو في قوله:

وكأنَّ ثَبِيرًا في عَرَانِينِ وَبْلِهِ ... كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجَاد مُزَمَّلِ1

فالواو خَزْم، وهذا يكاد يسقط حكم ما يُبنَى من الزوائد في الكلم حتى يحسنَ له تحقير الترخيم، نحو قولهم: في حارث حُرَيْث، وفي أزهر زُهَيْر. ألا تراه كيف خزم بتاء "تبارك" وإن كانت مصوغة في نفس المثال كما تُخْزَم حروف المعاني المنفصلة من المُثُل، كواو العطف، وفائه، وبل، وهل، ويا، ونحو ذلك؟ ولهذا قالوا أيضا في تكسير فَعَلَان: فِعْلَان، ككَرَوَان وكِرْوَان، وشَقَذَان2 وشِقْذان، فأجروه مجرى فَعَل وفِعْلان، نحو خَرَب3 وخِرْبان، وشَبَثٍ4 وشِبْثان، وبَرَق5 وبِرْقَان. فاعرف ذلك إلى ما يليه من نحوه بمشيئة الله.

ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: "كَأَنَّهَا جَأنٌ"6.

قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نظير هذا فيما مضى من الكتاب7، وذكرناه أيضا في الخصائص8، وفي سر الصناعة9، وفي المنصف10، وفي التمام، وغيره من مصنفاتنا وإنما كررناه لإعراب القول في معناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015