وفيما قرئ على أحمد بن يحيى فاعترف بصحته: سمَك مالح، وماءٌ مالح. وإنما يقال: سمَك مملوح ومليح، هذا أفصح الكلام، والأول يقال.
ومن ذلك قراءة حسان بن عبد الرحمن1 صاحب عائشة "رضي الله عنه2"، وهو الذي يروى عنه قتادة: "116و" "وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قِوَامًا"3.
قال أبو الفتح: القَوَامُ، بفتح القاف: الاعتدال في الأمر، ومنه قولهم: جارية حسنة القوام: إذا كانت معتدلة الطول والخلق. وأما "القِوَام" بكسر القاف فإنه ملاك الأمر وعصامه، يقال: مِلَاك أمرك وقِوَامه أن تتقي الله في سرك وعلانيتك، فكذلك قوله: "كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قِوَامًا"، أي: مِلاكا للأمر ونظاما وعصاما.
ولو اقتُصر فيه على قوله: "وكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ" لكان كافيا؛ لأنه كان بين الإسراف والتقتير فإنه قصد ونظام للأمر؛ "فَقِوَام" إذًا تأكيد وجارٍ مجرى الصفة، أي: توسطا مقيما للحال وناظما. ومعلوم أنه إذا كان متوسطا فإنه قوام ومساك، وأقل ما فيه أن يكون صفة مؤكدة، كقوله: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} 4، فالأخرى توكيد كما ترى.
ومن ذلك قراءة طلحة بن سليمان: "نُضَعِّفْ له" -بالنون- "العَذَابَ" -نصب- "وتَخْلُدْ فيه"5، وجزم.