يريد: جانٌّ، فحذف إحدى النونين. وأنشدنا أبو علي:

حتَّى إذا مَا لَمْ أجِدْ غيْرَ الشَّرِ ... كُنْتُ امرأً من مَالِكِ بنِ جَعْفَرِ [105و]

أراد: غير الشرّ، فحذف الراء الثانية. وإذا كانوا قد حذفوا بعض الكلمة من غير تضعيف فحذف ذلك مع التضعيف أحرى. ألا ترى إلى قول لبيد:

دَرَسَ المنا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ1؟

وقال علقمة بن عبدة:

كأنَّ إبرِيقَهُمْ ظَبْيٌ عَلَى شَرَفٍ ... مُقَدَّمٌ بِسَبَا الكَتَّانِ مَلْثُومُ2

أراد بسبائب الكتَّان.

وقد ذكرنا نحو ذلك، إلا أن هذا باب إنما يحمله الشعر، غير أن فيه لتخفيف "الدوابّ" عذرا ما، هو أولى من أن يتلقى بالرد وقد وجدت له وجها.

ومن ذلك قراءة ابن عباس: "يَحْلَوْنَ"3، بفتح الياء وتخفيف اللام، من حَلِيَ يَحْلَى.

قال أبو الفتح: هذا4 من قولهم: لم أحْلَ منه بطائل، أي: لم أظفر5 منه بطائل؛ فيجعل ما يُحَلَّوْن به هناك أمرا ظفِروا به، وأُوصلوا إليه. والحلية6 راجعة المعنى إليه، وذلك أن النفس تعتدها مظفورا به7 موصلا إليه. وليست الحلية من لفظ: حَلِيَ الشيءُ بِعَيْنِي؛ لأن الحلية من الحَلْي، فهي من الياء. وحلي بعيني من الواو، لقولهم: حَلِيَ بعيني يَحْلَى حلاوة، فهي كشَقِيَ يشْقَى شَقَاوَةً، وغَبِيَ يغْبَى غَباوَةً. ولكن قولهم: امرأةٌ حالية أي: ذات حَلْي من الياء، فحالية إذًا من قوله: {يُحَلَّوْنَ} على هذه القراءة وهما من الياء، فكأنه أقوى عندهم من قولهم ما حليْتُ من بطائل؛ لأن ذلك لا يستعمل إلا في غير الواجب. لا يقولون: حليت منه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015