يغْدُوا عليكَ مُرَجِّلِيـ ... ـنَ كأنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا1

فقوله: يغْدُوا عليكَ مُرَجِّلِينَ بدلٌ من قوله: لا يحْفِلُوا.

ومن ذلك قراءة الزهري: "والدَّوَابُ"2، خفيفة الياء. ولا أعلم أحدًا خففها سواه.

قال أبو الفتح: لعمري إن تخفيفها قليل ضعيف قياسا وسماعا.

أما القياس فلأن3 المدة الزائدة في الألف عوض من اجتماع الساكنين حتى كأن الألف حرف متحرك4، وإذا كان كذلك5 فكأنه لم يلتق ساكنان. ويدل على أن زيادة المد في الألف جار مجرى تحريكها أنك لو أظهرت التضعيف فقلت: دوابِب، لقصرت الألف وإذا أدغمت أتممت صدى الألف فقلت دوابّ؛ فصارت تلك الزيادة في الصوت عوضا من تحريك الألف.

وأما السماع فإنه لا يعرف فيه التخفيف، لكن له من بعد ذلك ضرب من العذر، وذلك أنهم إذا كرهوا تضعيف الحرف فقد يحذفون أحدهما، من ذلك قولهم: ظَلْت، ومَسْت، وأَحَسْت. يريدون: ظَلِلْت، ومَسِسْت، وأَحسست، قال أبو زبيد:

خَلَا أنَّ العِتَاقَ من المَطايا ... أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إليهِ شُوسُ6

وقال:

قَدْ كُنْتُ عِنْدَكَ حَوْلًا لا تُرَوِّعُني ... فِيهِ رَوَائِعُ من إنس ولا جَانِ7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015