وأما "سُكْرَى"، بضم السين فاسم مفرد على فُعْلى، كالحُبْلَى: والبُشْرَى. وبهذا أفتاني أبو علي، وقد سألته عن هذا.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر: "وَرَبَأتْ" بالهمز، ورويت عن أبي عمرو بن العلاء.
قال أبو الفتح: المسموع في هذا المعنى رَبَتْ؛ لأنه من ربا يربو: إذا ذهب في جهاته زائدا، وهذه حال الأرض إذا ربت. وأما الهمز فمن: رَبَأْتُ القوم: إذا أشرفتَ مكانا عاليا لتنظر لهم وتحفظهم. وهذا إنما فيه الشخوص والانتصاب، وليس له دلالة على الوفور والانبساط، إلا أنه يجوز أن يكون ذهبه2 إلى علوّ الأرض، لما فيه من إفراط الربو، فإذا وصف علوَّها دل على أن الزيادة قد شاعت في جميع جهاتها؛ فلذلك همز، وأخذه من: ربأتُ القوم، أي: كنت لهم طليعة. وهذا مما يذكر أحد أوصافه، فيدل على بقية ذلك وما يصحبه. ألا ترى إلى قوله:
كأنَّ أيديهِنَّ بالمَوْمَاةِ ... أيدِي جوارٍ بِتْنَ ناعِمَاتِ3؟
ولم يرد الشاعر أن أيدي الإبل ناعمة، وكيف يريد ذلك وإنما المعتاد المألوف في ذلك وصف الأيدي بالشدة والسلاطة؟ ألا ترى إلى قوله:
َترْمِي الأماعِيزَ بِمُجمراتِ ... بأرجُلٍ رُوحٍ مُحنَّباتِ4؟
وقوله:
تَرْمِي الحَصا بمناسِمٍ ... صُمٍّ صَلادِمَةٍ صِلَابِ5؟