وقال الآخر:

فما سوَّدتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب1

فعلى ذلك ينبغي أن تحمل قراءة الحسن: "أو يعفُو الذي"، فقال ابن مجاهد: وهذا إنما يكون في الوقف، فأما في الوصل فلا يكون، وقد ذكرنا ما فيه، وعلى كل حال فالفتح أعرب: "أو يعفُوَ الذي".

ومن ذلك قراءة علي -عليه السلام- وأبي رجاء وجُؤيَّة بن عائذ2: "ولا تَنَاسَوُا الفضل بينكم"3.

قال أبو الفتح: الفرق بين تَنْسَوْا وتَنَاسَوْا أن تنسوا نَهْي عن النسيان على الإطلاق: انْسُوه أو تَنَاسَوه.

فأما تناسوا فإنه نهي عن فعلهم الذي اختاروه، كقولك: قد تغافل وتصامَّ وتناسى: إذا أظهره من فعله، وتعاطاه وتظاهر به، وأما تَفَعَّل فإنه تَعَمُّلُ الأمر وتكلفه، كقوله:

ولن تستطيع الحلم حتى تحلما4

أي: حتى تَكَلَّفه.

ومثل الأول قوله:

إذا تخازَرتُ وما بي من خَزَر5

فإن قيل: ومَن ذا الذي يتظاهر بنسيان الفضل؟

قيل: معناه -والله أعلم- إنكم إذا استكثرتم من هجر الفضل، وتثاقلتم عنه؛ صرتم كأنكم متعاطون لتركه، متظاهرون بنسيانه. وهذا كقولك للرجل يكثر خَطَؤُه: أنت تتحايد الصواب تَوقِّيَ، عرف به، وأنت معتمِلٌ لما لا يحسن، وإن لم يقصد هو لذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015