المحبر (صفحة 198)

شجاعا وكان يغزوا [1] على رجليه، فلا تجاريه الخيل. ولا يهاب شيئا.

وله أحاديث كثيرة عجيبة فى غزواته. وكان لا يهم بشيء إلا ركبه.

وإنه أتى جبلا فى بلاد بنى لحيان من هذيل يشتار منه عسلا. وكان يأتيه في كل عام. وكان ذلك الجبل منفردا. وإنه أتاه فصعده. وقد وضعوا/ عليه الرصد. وكان معه نفر من أصحابه فدلوا حبلا لهم. فتوصل به تأبط حتى صار إلى الغار الذي فيه العسل. ودلوا إليه الأسقية وذلك بأعين الهذليين حتى إذا رأوه قد قر قراره، خرجوا على القوم. فانكشفوا وتركوه في الغار. فوقف القوم على الغار، فنادوه. فأطلع رأسه.

فقالوا: إصعد. قال: على ماذا أصعد؟ قالوا: تصعد فنرى فيك رأينا. قال: إن كنتم إذا صعدت أمنت من أن تقتلوني وقبلتم اليسير من الفداء منى صعدت. قالوا: ما لك علينا شرط، فاصعد. قال فإذا صعدت تأكلون العسل الذي اشترته؟ قالوا: نعم. قال:

لا والله لاجمعتم قتلي وأكل عسلي. وجعل يصب العسل من الأسقية من فم الغار على صفا، تحته، ويطرد العسل وهم يتعجبون منه ويضحكون. حتى إذا فرغ واطرد العسل فأبعد: أخذ زقا، فشده على صدره، ثم انحدر فى العسل. فلم يزل يزلق به حتى وقع بالأرض. وبينه وبينهم مسيرة ثلاثة اميال [2] . ثم انطلق فرجع إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015