الوليد بن عبد الملك [1] ، فكتب إليه: «إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء، وعبت عليهم، وسرت بغير سيرتهم، بغضا وشنآنا لمن بعدهم من أولادهم، فقطعت ما أمر الله به أن يوصل، إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها في بيت المال، جورا وعدوانا، فاتق الله يا ابن عبد العزيز وراقبه، إن شططت لم تطمئن على منبرك، خصصت أولي قرابتك بالظلم والجور، فو الذي خص [2] محمدا صلّى الله عليه وسلم، بما خصه به، لقد ازددت من الله عز وجل بعدا في ولايتك هذه، إن زعمت أنها عليك بلاء، فاقصر ببعض ميلك، واعلم أنك بعين جبّار، وفي قبضته، ولن تترك على هذا، اللهم فسل سليمان بن عبد الملك [3] عمّا صنع بأمّة محمد صلّى الله عليه وسلم» .

فلما قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه كتب إليه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلى عمر بن الوليد، السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، أما بعد، فقد بلغني كتابك، وسأجيبك بنحو منه، أما أول شأنك يا ابن الوليد، كما تزعم فأمك بنانة أمة للسكون، كانت تطوف في سوق حمص، وتدخل في حوانيتها، ثم الله أعلم بما اشتراها دينار بن دينار من فيء المسلمين، فأهداها لأبيك [4] فحملت بك، فبئس المحمول، وبئس المولود، ثم نشأت، فكنت جبارا عنيدا، تزعم أني من الظالمين أن حرمتك وأهل بيتك فيء الله عز وجل، الذي هو حق القرابة والمساكين والأرامل، وأن أظلم مني وأترك لعهد الله، من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين [5] ، تحكم فيهم برأيك، ولم يكن له من ذلك نية إلا حب/ الوالد لولده، فويل لك وويل لأبيك، ما أكثر خصماؤكما يوم القيامة، وكيف ينجو أبوك [6] من خصمائه، وإنّ أظلم مني، وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف على خمس العرب، يسفك الدماء الحرام، ويأخذ المال الحرام، وإنّ أظلم مني، وأترك لعهد الله من استعمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015