في تذكرة الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي

[1] الخطبة التي خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، حين أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف [2] ، وكان القوم اتخذوا في ذلك الموضع مسجدا، وهي أول خطبة خطبها بالمدينة، نقلتها من تفسير القرطبي [3] :

(الحمد لله أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره، وأعادي من يكفر به، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة والحكمة، على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فقد غوى، وفرّط وضلّ ضلالا/ بعيدا.

أوصيكم بتقوى الله، فانه خير ما أوصى به المسلم المسلم، أن يحضّه على الآخرة، وأن يأمره بتقوى الله، واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فانّ تقوى الله، لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه، عنوان صدق ما يبتغون من الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره، في السر والعلانية، لا ينوي به إلا وجه الله، يكن له ذكرا في عاجل أمره، وذخرا فيما [4] بعد الموت، حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان مما سوى ذلك: تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً، وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ

[5] ، هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فانه يقول: ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ

[6] ، فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السرّ والعلانية، فانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً

[7] ، ومن يتق الله، فقد فاز فوزا عظيما، وإن تقوى الله توقي مقته، وتوقي عقوبته، وتوقي سخطه، وإن تقوى الله تبيّض الوجوه، وترضي الربّ، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم [8] ولا تفرطوا/

طور بواسطة نورين ميديا © 2015