بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وهو حسبي وكفي [1] ، وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا مجموع حسن انتخبت فيه ما رق وراق من ثمار الأوراق، والتقطت فيه من درر الكتب الجواهر، ومن شجر الحدائق الأزاهر، مما يصلح لمحاضرة الجليس ومشاهدة الأنيس، وسميته المحاضرات والمحاورات، والله المستعان وعليه التكلان.
قال الزمخشري [2] في القسطاس: أصناف العلوم الأدبية اثنا عشر صنفا، علم متن اللغة، وعلم الأبنية، وعلم الاشتقاق، وعلم الإعراب، وعلم المعاني، وعلم البيان، وعلم العروض، وعلم القوافي وإنشاء النثر، وقرض الشعر، وعلم الكتابة، وعلم المحاضرات، قال غيره: ومراده بالمحاضرات ما تحاضر به صاحبك من نظم أو نثر، أو حديث أو نادرة، أو مثل سائر، انتهى. وفي الكامل للمبرد: من أمثال العرب، خير العلم ما حوضر به، يقول: ما حفظ فكان للمذاكرة.
العلم ألهمك الله الهداية إلى سنن الرشد والصواب، وأيدك بمدد الفضائل والآداب، جنّة يتقي بها الجنان وساوس الشيطان، وحلّة يتجمل بها الإنسان بين العوالم والأكوان، والأصحاب والإخوان، وصراط مستقيم على سواء السبيل، وحوض ماؤه تسنيم، يشفي ما بالصدور من أوام وغليل، وسراج وهاج يهتدي بنوره في ظلمات الجهالات، ومنهاج يسلك به مفازات الطاعات، وسواحل العبادات، وسلم يرتقى به من حضيض الأجسام، ومشابهة الأنعام، إلى مقام الملائكة الكرام، وفي ذلك كفاية لمن كان له قلب، والسلام./
ومن إنشائه ما كتب به إلى بعض إخوانه في عتاب الدنيا: