وفي المثل: هو أبخل من أبي حباحب، وهو رجل في الجاهلية من بخله أنه كان يسرج السراج، فإذا أراد أحد أن يأخذه منه أطفأه، فضرب به المثل. ومنهم صاحب نجيح بن سلكة اليربوعي، فإنه ذكر أن نجيحاً اليربوعي خرج يوماً يتصيد، فعرض له حمار وحش فاتبعه حتى دفع إلى أكمة، فإذا هو برجل أعمى أسود قاعد في أطمار، بين يديه ذهب وفضة ودر وياقوت، فدنا منه فتناول بعضها ولم يستطع أن يحرك يده حتى ألقاه، فقال:

يا هذا، ما هذا الذي بين يديك؟ وكيف يستطاع أخذه؟ وهل هو لك أم لغيرك؟ فإني أعجب مما أرى أجواد أنت فتجود لنا أم بخيل فأعذرك؟ فقال الأعمى: أطلب رجلاً فقد منذ سنين وهو سعد ابن خشرم بن شماس فأتني به نعطك ما تشاء، فانطلق نجيع مسرعاً قد استطير فؤاده حتى وصل إلى قومه ودخل خباءه ووضع رأسه فنام لما به من الغم لا يدري من سعد بن خشرم، فأتاه آت في منامه فقال له: يا نجيح إن سعد بن خشرم في حي بني محلم من ولد ذهل بن شيبان، فسأله عن بني محلم ثم سأل عن خشرم بن شماس فإذا هو بشيخ قاعد على باب خبائه فحياه نجيح، فرد عليه السلام، فقال له نجيح: من أنت؟

قال: أنا خشرم بن شماس. قال له: فأين ولدك سعد؟ قال خرج في طلب نجيح اليربوعي وذلك أن آتياً أتاه في منامه فحدثه أن مالاً له في نواحي بني يربوع لا يعلم به إلا نجيح اليربوعي، فضرب نجيح فرسه ومضى وهو يقول:

أيطلبني من قد عناني طلابه ... فياليتني ألقاك سعد بن خشرم

أتيت بني يربوع تبغي لقاءنا ... وجئت لكي ألقاك، حي محلم

فلما دنا من محلته استقبله سعد فقال له نجيح: أيها الراكب هل لقيت سعداً في بني يربوع؟ قال: أنا سعد فهل تدل على نجيح؟ قال: أنا نجيح. وحدثه بالحديث فقال: الدال على الخير كفاعله- وهو أول من قالها- فانطلقا حتى أتيا ذلك المكان فتوارى الرجل الأعمى عنهما وترك المال فأخذه سعد كله، فقال نجيح: يا سعد قاسمني، فقال له اطوعني وعن مالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015