واعتقد أن إبراهيم بن محمد البيهقي هو مؤلف الكتابين. ألف الأول ونسبه للجاحظ ليروج. ولما تحقق من رواجه عدل فيه قليلا وسماه المحاسن والمساوىء ونسبه لنفسه.
وكتاب المحاسن والأضداد يخلو من الأصالة والجدة ويقتصر عمل صاحبه على تجميع الأقوال والأشعار والأخبار والأقوال التي تتعلق بكل باب من أبوابه الستين، وروايتها، دون شرح أو تعليق أو ابداء رأي.
فهو إذن من نوع أدب الرواية. وإذا كانت كتب الجاحظ حافلة بمثل هذا الأدب إلّا أن شخصية الجاحظ تبقى حاضرة: تنقد هذا الخبر، وتعلق على ذاك، وتفيد من الأقوال التي تسوقها والأشعار التي ترويها لتأييد أرائها الأصيلة ومواقفها المتميزة.
ويفتقر الكتاب إلى وحدة الموضوع، ويعجز عنوانه عن لم شعث نحو ستين موضوعا مختلفا فيكتفي بربطها ربطا اعتباطيا مصطنعا.
ويستغرق موضوع المرأة نصف الكتاب تقريبا. ويترجم لثلاث نساء حرائر شاعرات هن الخنساء وليلى الأخيلية وهند بنت عتبة أم معاوية ابن أبي سفيان، ويروي شيئا من أشعارهن. ثم يورد أخبار عدة قيان منهن عنان جارية الناطفي وصاحبة أبي نواس، وعريب جارية المأمون، ويروي شعر بعض الأعرابيات.
ثم يذكر صفات المرأة الجميلة على لسان اعرابي يقول لمن سأله: اتحسن صفة النساء؟ «نعم إذا عذب ثناياها، وسهل خداها، ونهد ثدياها، ونعم ساعدها، والتف فخذاها، وعرض وركاها، وجدل ساقاها، فتلك هم النفس ومناها» . وعلى لسان عبد الله بن المعتز الذي يقول:
وحياة من جرج الفؤاد بطرفه ... لأحبرن قصائدي في وصفه
قمرٌ به قمر السماء متيمٌ ... كالغصن يعجب نصفه من نصفه