للإنسان وكل ما تقله الأرض متاع له. واقرب واطيب ما سخر له الأنثى لأنها خلقت ليسكن إليها. وكل ما لم يحرمه الشرع محلل. والشرع لم يحرم سفور المرأة.
ونلمس في الكتاب عصبية علوية لا نعهدها عند الجاحظ. فهو في باب محاسن المفاخرة يغمز من قناة أبي بكر الصديق ويقول عنه أنه ليس من أشراف قريش. ويحصى مثالب معاوية ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص وزياد ابن أبيه أركان البيت الأموي ويشهر بهم بينما يذكر فضائل البيت العلوي ويرددها مرارا. وإذا كان الجاحظ يشارك صاحب المحاسن والأضداد في التنديد بمعاوية والأمويين كما يتضح من رسالة العثمانية، ورسالة الحكمين، فإنه لا يشاطره موقفه من أبي بكر الصديق الذي محضه كل اكبار وتقدير في جميع كتاباته.
واسلوب الكتاب يختلف عن اسلوب الجاحظ اختلافا ظاهرا.
فنحن لا نقع فيه على عبارة الجاحظ المتنوعة القصيرة، التي تمتاز بالرشاقة والطبيعة والترادف المعنوي واللفظي، مع المحافظة على القوة والجمال: إن عبارة الكتاب تعوزها الجزالة وتشوبها الركاكة وتقترب من العامية والسوقية أحيانا. ولكنه كالجاحظ يتنكب جادة الحشمة والعفة في كلامه على النساء والجماع.
وثمة بينة أخرى تدل على عدم صحة نسبة الكتاب للجاحظ هي ورود ذكر عبد الله بن المعتز في الكتاب عدة مرات، مرفقا بنماذج من شعره وأقواله. ونحن نعلم أن عبد الله بن المعتز عاش بعد الجاحظ وقتل سنة 908 م بعد يوم واحد من ارتقائه عرش الخلافة في بغداد على يد مؤنس الخادم. وكان شاعرا رقيقا انيق اللفظ، وألف كتابا في البديع وآخر في تاريخ الشعر اسمه طبقات الشعراء، وثالثا في آداب الشراب والخمر اسمه «الجامع في الغناء» .
وإذا لم يكن الكتاب للجاحظ فمن هو صاحبه إذن؟ ليس لدينا