قال: وافتصد عبد الله بن طاهر، فأهدى له «أبو دلف» جميع ما أصاب في السوق من الورد، وكتب إليه:

تضاحك الورد في وجهي، فقلت له: ... لم ذا؟ فقال: أبو العباس مفتصد؟

فقمت أطلب ما أهديه من طرف ... للفصد في السّوق، حيت خانني الجلد

يوم الفصاد له أزرٌ مطيبةٌ ... محجوبةٌ لا يراها الجرد والزرد

فاشرب على الورد مسرورا بطلعته ... يابن الكرام، فأنت السيد النجد

قال عمرو بن بانة: اعتل المعتصم، فأشار عليه بختيشوع بالفصد، وأنا عنده، فأخرجت إليه هدايا الفصد، وكان فيما أخرج، طبق صندل مكتوب عليه بجزع، كما يدور عليه شمامات مسك وعنبر، فأمر بقراءة ما عليه، فإذا هو:

فصد الإمام لعلةٍ في جسمه ... فشفى الإله السقم بالفصد

وجرى إلى الطشت السقام مبادراً ... وجرى الشفاء إليه بالسعد

يا مالكاً ملك العباد بجوده ... إسلم، سلمت، بعيشة رغد!

فقال: يا عمرو! من يلومني على حب هذه الجارية، والله ما أراها إلا تزايدت في عيني، وخليقٌ أن تنجب، فإن لها همة» . فولدت غلاماً، وكانت آثر جواريه عنده، وأحظاهن لديه.

وأخبرنا إبراهيم القارىء قال: كنت عند المأمون، فأحتاج إلى الفصد، فقال الأطباء: «البلد بارد» ، فقال: «لا بد لي منه» ؛ ففصدوه، فلما كان وقت الظهر، حضروا، فراموا فجر العرق؛ فإذا هو قد التحم، فشدوا الرباط، وفيهم (متحا) يدق، فما ظهر الدم، فقال لهم المأمون:

«عقرتموني» ، فحلوا الرباط، وعلى رأسه بختيشوع وابن ماساويه، فقال:

ما تقولون» ؟ قالوا: «ما ندري ما نقول» ؟

قال: فأشاروا هناك إن جلالة الخليفة، ربما أدهشت الحاذق بالصناعة، والمتقدم في الرياسة؛ فاعتزلوا ناحية، وأبطأوا عليه، فقال لأسودٍ كان على رأسه: «أدن، فمص الجرح» ففعل، فثار الدم فقال: «أدع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015