فقال المأمون: خرف الشيخ. يوم مثل هذا، يذكر الثواب والآخرة، فلا يقبل الوصيفة؛ واغتم إبراهيم، وكتب إليه مع الوصيفة:

لا والذي تسجد الجباه له ... ما لي بما دون ثوبها خبر

ولا بفيها، ولا هممت بها، ... ما كان إلا الحديث والنظر «1»

فقال المأمون: «نعم الآن أقبلها» ، فقبلها.

قال أبو القاسم بن أبي داود: كنت عند أحمد بن محمد العلوي، وقد افتصد، فخرج بعض الخدم، ومعه طبق من فضة، عليه تفاح طيب مكتوب حواليه بالذهب:

سر، الغداة، بوجهك اللغب، ... وجرى بيمن فصادك الطرب

وتداعت العيدان في زجلٍ ... وتناولت راحاتها النخب

فأشرب بهذا الجام يا ملكي ... شرباً حثيثاً، إنه عجب

واجعل لمن قد خف في لطفٍ ... من زوره يخشى ويرتقب!

فقال للخادم: «أخرجها إلى الستارة» ، فخرجت، وخلا ليلته بها.

وقيل: افتصد المعتصم، وأهديت إليه «شمائل» صينية عقيق، عليها قدح أسبل عليها منديل مطيب مكتوب عليه بالعنبر، في كل ربع منه بيت شعر:

خضب الخليفة كفه من فصده ... بدمٍ يحاكي عبرة المشتاق

تاه الفصاد فما يقام لتيهه ... إذ صار مفتصداً أبو إسحاق

وتوافت العيدان عند حضوره ... قب البطون، ذوابل الأعناق

ملكٌ إذا خطر الشراب بباله ... لبس السرور غلائل الإشراق

فلما قرأه أمر بإحضار إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وأمره أن يجعل له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015