قلت: أنا قائلها. قالت: فمن الناهدة الثديين؟ قلت: يا سيدتي، قد سبق في الليلة الأولى؛ والله، ما هو مني قصد، ولا في جارية بعينها، ولكني رجل شاعر أحب الغزل وأقول في النساء. قالت: يا عدو الله، أنت قد فشا شعرك بالحجاز، ورواه الخليفة، وتزعم أنه لم يكن في جارية بعينها؟ يا جواري، ادفعنه» . فوثبت الجواري، فأخرجنني ودفعنني إلى الجارية، فعجرتني، وقادتني إلى مضربي، فبت في ليلة كانت أطول من الليلة الأولى. فلما أصبحت، أمرت بخلوق، فضرب لي، وبقيت ارقب الوقت هائما؛ فلما كان وقت المساء، جاءتني الجارية، فسلمت علي وقالت: «يا عمر! هل رأيت ذلك الوجه» ؟ قلت: «أي والله» ، قالت:

«أفتحب أن أريكه الثالثة» ؟ قلت: «إذن تكونين أعظم الناس علي منة» .

قالت: «على الشريطة» ؟ قلت: «نعم» . فاستخرجت المعجر، وعجرتني به، وقادتني حتى أتت بي المضرب، فلما توسطته، فتحت العصابة عن عيني، فإذا أنا في مضرب ديباج أخضر مدثر بحمرة، مفروش بخز أحمر، وإذا أنا بالشمس الضاحية قد أقبلت من وراء الستر كحور الجنان، فسلمت علي وقالت: «أنت عمر بن أبي ربيعة، فتى قريش، وشاعرها» ؟ قلت:

«أنا ذاك» ! قالت: أنت القائل:

نعب الغراب ببين ذات الدملج ... ليت الغراب ببينها لم يشحج «1»

ما زلت أتبعهم وأتبع عيسهم ... حتى دفعت إلى ربيبة هودج

قالت: وعيش أخي، وحرمة والدي ... لأنبهن الحي إن لم تخرج

فلثمت فاها آخذاً بقرونها ... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

فتناولت كفي لتعرف مسها ... بمخضب الأطراف غير مشنج

قلت: «أنا قائلها» ، قالت: «يا عدو الله، أنت الذي فضحتها ونفسك، وجهي من وجهك حرام، إن عدت إلي. يا جواري أخرجنه» ! فوثب إلي الوصائف، وأخرجنني، ودفعنني إلى الجارية، فعجرتني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015