وحراستهن، فليس شيء لهن أصلح من مباعدتهن عن الرجال، وقمعهن بالعري والجوع، ومن حق الملوك أن لا يرفع أحد من خاصتها وبطانتها، رأسه إلى حرمة لها، صغرت أم كبرت، فكم من قيل وطيء هامة عظيم، وبطنه حتى بدت أمعاؤه؟ وكم من شريف وعزيز قوم، قد مزقته السباع ونهشته؟ وكم من جارية كريمة على قومها عزيزة في أهلها، وقد أكلها حيتان البحر وطير الماء؟ وكم من جمجمة كانت تصان، وتعل بالمسك والبان قد ألقيت بالعراء، وغيبت جثتها في الثرى، بسبب الرم والخدم والغلمان، ولم يأت الشيطان أحداً قط من باب حتى يراه بحيث أن من يهوى مستقيم اللحم والأعضاء، هو أبلغ من مكيدته، وأخرى أن يرى فيه أمنية من هذا الباب إذ كان من ألطف مكايده، وأدق وساوسه، وأجل تزايينه.

وقيل لابنة الخس «1» : لم زنيت بعبدك ولم تزن بحر؟ قالت: طول السهاد وقرب الوساد. وقيل: لو أن أقبح الناس وجهاً، وأنتنهم رائحة، وأظهرهم فقرا، وأسقطهم نفساً، وأوضعهم حسباً قال لامرأة تمكن من كلامها، ومكنته من سمعها: والله يا مولاتي قد اسهرت ليلي، وأرقت عيني، وشغلتني عن مهم أمري، فما أعقل أهلاً ولا ولداً، ولو كانت أبرع الناس جمالاً، وأكملهم كمالاً، وأملحهم ملاحة، وإن كانت عينه تدمع بذلك، ثم كانت تكون مثل أم الدرداء، أو معاذة العدوية، أو رابعة القيسية لمالت إليه وأحبته. ومنها قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اضربوهن بالعري، فإن النساء يخرجن إلى الأعراس، ويقمن في المناحات، ويظهرن في الأعياد، ومتى كثر خروجهن لم يعد بد أن يرين من هو شكلهن، ولو كان بعلهن أتم حسناً، وأحسن وجهاً، والذي رأت أنقص حسنا، ولكان ما لا تملكه أظرف عندها مما تملكه، ولكان ما لم تملكه أو تستكثر منه أشد لها اشتغالاً واجتذاباً. قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015