«العصا» ، وانج بنفسك» (والعصا كانت فرساً لجذيمة، لا يشق غبارها) ؛ فلم يعبأ جذيمة بقوله؛ وسار حتى دخل المدينة، وأمرت هند الزباء بأصحابه أن ينزلوا فأنزلوا، وأخذت منهم أسلحتهم ودوابهم؛ وأذنت لجذيمة، فدخل عليها، وهي في قصر لها، ولم يكن معها في قصرها إلا الجواري، فأومأت إليهن أن يأخذنه؛ واجتمعن عليه ليكتفنه، فامتنع عليهن، فلم يزلن يضربنه بالأعمدة حتى أثخنه وكتفنه. ثم دعت بنطع، فأجلسته فيه، وكشفت عن عورتها؛ فنظر جذيمة، فإذا لها شعرة وافية. فقالت: «كيف ترى عروسك؟
أشوار عروس أم ما ترى؟ «أرى بظرا ناتئاً، ونبتاً فاشياً، ولا أعلم ما وراء ذلك» ؟ قالت: «أما إنه ليس من عدم المواسي أو لقلة الأواسي، ولكنه شمةٌ من أناسي» .
ثم أمرت به، فقطعت عروقه، فجعلت دماؤه تشخب في النطع، فقالت: «لا يحزنك ما ترى. فإنه دم هراقه أهله» ، فأرسلتها مثلاً.
واحتال «قصير» للعصا حتى وصل إليها وركبها، ثم دفعها، فجعلت تهوي به كأنها الريح. وكان المكان الذي قصد فيه جذيمة مشرفاً على الطريق، فنظر جذيمة إليه وقد دفع الفرس، فقال: «لله حزم على رأس العصا» ، فلم تزل دماؤه تشخب حت مات. ثم أمرت بأصحابه، فقتلوا بأجمعهم.
وكان عمرو بن عدي يركب كل يوم من الحيرة، فياتي طريق الشام، يتجسس عن خبره وحاله، فلم يبلغه أحد خبره. فبينا هو ذات يوم في ذلك، إذ نظر إلى فرس مقبل على الطريق، فلما دنا منه، عرف الفرس، وقال:
«يا خير ما جاءت به العصا» ، فذهبت مثلاً. فلما دنا منه قصير، قال له: «ما وراءك» ؟ قال: «قتل خالك وجنوده جميعاً، فاطلب بثأرك» . قال:
«وكيف لي بها، وهي أمنع من عقاب الجو» ؟ فذهبت مثلاً. ثم إن قصيراً أمر بأنف نفسه فجدع، ثم ركب وسار نحو الزباء، فاستأذن علهيا، فقيل لها: «إن مولى لجذيمة وقرهمانه وأكرم الناس عليه قد أتاك مجدوعاً» .
فأذنت له، فدخل عليها.