نفسها، فكيف بمن ذهب أبوها وأخوها، فبقي بعلها؟ أفتحب أن تهلكه؟
على أن مثلك، في رداءة همتك، وخبث نيتك، مثل الغراب والحمامة.
قال الملك: وما كان من حديثهما؟ قالت: «زعموا أن غراباً ألف مطبخاً لبعض الملوك، فأخذ من أطيب اللحمان التي قد صارت فيه شيئاً، فظنوا أن الغراب أخذه لقلة وفائه، ولؤم جوهره، فطردوه عن مطبخهم، وقالوا: ما نرجو من هذا الغراب، وهو من الطيور التي تعاف، ويتطير منها؟؟ فأفشى ذلك الغراب أمره إلى حمامة قد كان بينهما معرفة، وفزع إلى رأيها، وأخبرها ما كان فيه من نعيم المأكل والمشرب. فقالت له الحمامة:
انطلق بي حتى تريني هذا المطبخ. فانطلق حتى أتى سطح المطبخ، فقالت الحمامة: إني أرى هذا البيت ليس فيه موضع مدخل، فاحفر لي بمنقارك قدر ما أدخل، فإن منقاري يضعف عن ذلك. فحفر الغراب في سقف البيت بمنقاره، فجعل لها خازن المطبخ موضعاً تأوي إليه، فلبثت في ذلك البيت قريرة عين، فنادها الغراب: «ما هكذا قدرت فيك» . فقالت الحمامة: «لو وفيت لك، حل بي غدرك، وإن القوم عرفوا وفائي، وحسن جواري، وعرفوا غدرك، وقلة وفائك، ونكث عهدك» .
فهذا مثلي ومثلك، يا ابنة السائس! إني لو وفيت لك، أرداني غدرك، وقتلني مكرك» ! قالت ابنة السائس: «أيتها السيدة! إن الذي سمعت مني، كان لشدة الأنفة، فأردت أن أنفي عن نفسي الذي أردت من إنكاحي خادمك فلاناً» .
قالت الهندية: «لا بدّ من ذلك» . فقالت ابنة السائس: «من اعتاد معالي الأمور، لم تطب نفسه بأسافلها، الآن استعذبت الموت» ، فعمدت إلى سم كان معها، فقذفته في فيها، فخرت ميتة، ووفت الهندية لزوجها، فأفلحا.
ومنهن «شيرين» ، امرأة أبرويز، فإن شيرويه بن أبرويز، لما قتل أباه، وتوطد له الملك، بعث إلى شيرين يدعوها إلى نفسه، فامتنعت عليه،