فإن يكن قد علا رأسي وغيره ... صرف الزمان، وتغييرٌ من الشعر
فقد أروح للذات الفتى جذلاً ... وقد أصيد بها أعيناً من البقر
عني إليك فإني لا توافقني ... غور الكلام، ولا شربٌ على الكدر
قال: وقال الحجاج لابن القرية: «ما تقول في التزويج» ؟ قال:
«وجدت أسعد الناس في الدنيا، وأقرهم عيناً، وأطيبهم عيشاً، وأبقاهم سروراً، وأرخاهم بالاً، وأشبهم شباباً، من رزقه الله زوجة مسلمة أمينة عفيفة حسنة لطيفة نظيفة مطيعة، إن ائتمنها زوجها وجدها أمينة، وإن قتر عليها وجدها قانعة، وإن غاب عنها كانت له حافظة، تجد زوجها أبداً ناعماً، وجارها سالماً، ومملوكها آمناً، وصبيها طاهراً، قد ستر حلمها جهلها، وزين دينها عقلها، فتلك كالريحانة والنخلة لمن يجتنيها، وكاللؤلؤة التي لم تثقب، والمسكة التي لم تفتق قوامه صوامة ضاحكة بسامة، إن أيسرت شكرت، وإن أعسرت صبرت، فأفلح وأنجح من رزقه الله مثل هذه، وإنما مثل المرأة السوء كالحمل الثقيل على الشيخ الضعيف، يجره في الأرض جراً، فبعلها مشغول، وجارها مقبول، وصبيها مرذول، وقطها مهزول» . قال: «يا ابن القرية، قم الآن فاخطب لي هند بنت أسماء، ولا تزد على ثلاث كلمات» .
فأتاهم، فقال: «جئت من عند من تعلمون، والأمير يعطيكم ما تسألون، أفتنكحون أم تدعون» ؟ قالوا: «أنكحنا وغنمنا» .
فرجع إلى الحجاج، فقال: «أصلح الله الأمير، صلاح من رضي عمله، ومد في الخيرات أجله، وبلغ به أمله، جمع الله شملك، وأدام طولك، وأقر عينك، ووقاك حينك، وأعلى كعبك، وذلل صعبك، وحسن حالك على الرفاء والبنين والبنات، والتيسير والبركة، وأسعد السعود وأيمن الجدود، وجعلها الله ودوداً ولوداً، وجمع بينكما على الخير والبركة، فتزوجها الحجاج، ثم إنه دخل ذات يوم عليها وهي تقول:
وما هند إلا مهرةٌ عربيةٌ ... سليلة أفراس تجللها بغل